حالة من الهيجان وعدم الاستقرار تسببها المنخفضات الجوية في بحر غزة، تجعل من دخول الصيادين للبحر أمرًا محظورًا بقرار من "الشرطة البحرية"، حفاظًا على سلامة أصحاب المهنة الخطيرة.
إلا أن تعطل الصيادين عن العمل، لا يكون أمرًا سيئًا بالنسبة إليهم، كونهم يستثمرون فترة المنخفض في صيانة شباكهم ومعداتهم، وبذات الوقت يرقبون بأمل انتهاء المنخفض وعودة أمواج البحر للهدوء، ليسعوا في كسب رزقهم الذي يأتيهم في أعقاب كل منخفض.
وينتزع صيادو غزة أرزقاهم من بين فكي زوارق الاحتلال وتهالك المعدات التي لا يُسمح بدخولها لغزة، في مساحة ضيقة تمنع وصولهم إلى الأسماك التي تتواجد بالمناطق العميقة؛ علمًا أن هذه الأسماك تسوقها الرياح والعوامل البحرية لفترة محدودة بعد المنخفضات الجوية إلى المناطق القريبة من الشاطئ.
رزق منتظر
وتخفف المنخفضات الجوية من شح الصيد خلال فصل الشتاء، ما يحسن من ظروف الصيادين المادية الصعبة.
يقول الصياد بلال العبد، إن أيام الصيد بفصل الشتاء تتركز في أعقاب المنخفضات الجوية القوية مباشرة، ما يجعلهم يترقبون أخبار وصولها على أحر من الجمر.
ويوضح العبد "للرسالة"، أنهم يدخلون البحر ولا تزال الأمواج عالية، حتى يتمكنوا من صيد أسماك السردين، قبل رجوعها إلى المناطق العميقة، ما يزيد مهنتهم مشقة وتعباً؛ ويضيف: "بدء انحسار المنخفض بداية معركة لكل صياد يريد أن ينتزع رزقه من بين أمواج البحر العاتية".
ويشير صاحب البشرة السمراء، إلى أن ما يكشف نقطة ضعفهم دائمًا في معركة ركوب الأمواج العالية، هو تهالك معداتهم وخصوصًا "ماتور المركبة" الذي يكشف عيبه نهاية كل منخفض ويجبرون على أخذه إلى الصيانة، ما يحملهم غزة تكاليف مالية مضاعفة.
ويؤكد الصياد أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع دخول المعدات والآلات الضرورية للصيد منذ العالم 2007، ما يضطره لتجديد معداته المهترئة والمتقادمة ودفع تكاليف صيانة أحيانًا تكون باهظة.
حال الصياد بلال العبد ينطبق على العديد من الصيادين الذين التقتهم "الرسالة نت"، في جولة داخل ميناء غزة بعد رحلة صيد بدأت مع انتهاء المنخفض الأخير الذي زار قطاع غزة.
التجار يرتقبون
بدوره يشير التاجر نضال البشير، إلى أن وفرة الأسماك في الشتاء دائمًا تأتي بعد المنخفضات، ما يجعل ثمنها منخفضًا مقارنة بالأيام العادية.
ويقول التاجر "للرسالة نت"، "منخفضات هذا الشتاء لم تجلب الأسماء المنتظرة بعد، إلا أنها أحدثت تحسناً طفيفاً في كميات الأسماك داخل الأسواق، والتي من أبرزها العصافير والغزلان".
ويؤكد أن المواطنين أيضًا يرقبون أسماك المنخفضات لأن وفرتها تجعل من سعرها منخفضًا مقارنة بجودتها، متمنيًا أن تصحب المنخفضات القادمة مزيدًا من الأسماك التي ينتظرها جميع أهالي قطاع غزة.
آيل للسقوط
وفي ذات السياق، يوضح نزار عياش نقيب الصيادين بغزة، أن الصيد بموسم الشتاء يتحسن فور انتهاء المنخفضات التي تحرك رياحها تيارات البحر، وتجلب الأسماك من المسافات البعيدة إلى القريبة من الشاطئ.
ويحذر عياش من أن قطاع الصيد بات آيلًا للسقوط جراء ممارسات الاحتلال وإجراءاته المؤلمة على الصياد الفلسطيني في بحر غزة.
ويقول عياش "للرسالة"، إن ملاحقة الاحتلال للصيادين، ومصادرته للمراكب والمعدات، وتمزيقه لشباك الصيد بات يتهدد أصحاب مهنة البحر في الاستمرار بممارستها.
ويشدد عياش على أن منع الاحتلال إدخال مادة الفيبر جلاس التي تعد أساس بناء وصيانة السفن، وعدم إدخال المواتير التي تحرك المراكب، يوقع الصيادين في مشكلة خطيرة تهدد استمرار وجودهم في المهنة التي يعيلون من خلالها أسرهم.
ويبين نقيب الصيادين أن سعر كيلو مادة الفيبر جلاس كان قبل الحصار 15 شيكل فقط والآن يصل إلى 80 شيكل إن توفر، بينما قطع غيار المواتير يرتفع ثمنها بصورة تجعل الصياد غير قادر على تحمل تكاليفها.
ويطالب عياش المؤسسات الدولية والاجتماعية، بالتدخل الفوري لحل هذه الأزمة التي بات الاحتلال يتقن إيلام الصياد الفلسطيني من خلالها؛ وتوفير ما يلزم قطاع الصيد من معدات وآلات ضرورية ولازمة في أقرب وقت.
ويمارس مهنة الصيد في بحر غزة 4 آلاف صياد فلسطيني يعيلون قرابة الـ 5 آلاف نسمة.
وبصورة شبه يومية، تعتدي بحرية الاحتلال على الصيادين بغزة، وتصادر مراكبهم وتطلق الرصاص صوبهم، ما يكبدهم، خسائر مادية وبشرية متكررة.