لم تقتصر عملية الهدم التي ينتهجها الاحتلال الاسرائيلي في القدس المحتلة على البيوت، بل تطال المحال التجارية التي تعد مصدر رزق لمئات العائلات المقدسية.
وتمارس السلطات الاسرائيلية عمليات هدم ممنهجة للمحال التجارية في الأحياء المقدسية منذ سنوات، خاصة في بيت حنينا وقلنديا، لكن وتيرة الهدم زادت في السنوات الأخيرة عدا عن جائحة كورونا التي زادت العبء على التاجر المقدسي أكثر.
وآخر عمليات الهدم كانت من نصيب عشر منشآت تجارية في بلدة حزما شمال شرق القدس المحتلة، التي تعد مصدر دخل رئيسي لأصحابها والعاملين فيها، ما سيؤدي بعشرات العائلات الفلسطينية إلى البقاء دون مصادر دخل، خاصة بعدما أتلف الاحتلال البضائع فيها قبل نسفها.
ويعاني حوالي 1400 تاجر مقدسي في البلدة القديمة بسبب محالهم المغلقة أو التي شارف أصحابها على إغلاقها؛ بسبب ملاحقات الاحتلال لهم بحجج واهية، كما يعاني أكثر من ألف محل تجاري من تراكم الديون ونُدرة البيع، الناتج عن الإغلاقات المتتالية.
وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" أكد في تقرير له، وجود ارتفاع حاد في عدد المنشآت التي تم هدمها أو الاستيلاء عليها بنسبة 96%.
الضرائب والإغلاق
يقول زياد حموري مدير مركز القدس للدراسات الاجتماعية والاقتصادية إن الحملة التي تقودها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع التجاري ليست جديدة، بل مبرمجة منذ اتفاقية أوسلو 1993، موضحاً أن الاستهلاك للمنتج الفلسطيني في القدس بات محدوداً جداً خاصة في ظل جائحة كورونا التي زادت الأمور تعقيداً.
وذكر حموري لـ "الرسالة" أن أكثر من نصف المحال التجارية في القدس مغلقة بسبب كورونا والحملات الضريبية التي تنهك التاجر من كافة النواحي.
ولفت إلى أن الاحتلال لم يكتف بفرض الضرائب وإغلاق تلك المحال، بل توج انتهاكاته الاقتصادية في القدس بعمليات الهدم للمنشآت التجارية بحجج واهية مثل البناء غير القانوني، أو أن المنطقة التي يوجد فيها المحل ليست تجارية.
وبحسب حموري، فإنه لا توجد تعويضات للتجار المهدمة محالهم، بل يرهقهم الاحتلال حين يضعهم أمام خيارين الأول الهدم الذاتي والثاني دفع تكاليف الهدم في حال قامت بها بلدية الاحتلال.
وأشار إلى أن هناك عدة طرق يحاول الاحتلال إرهاق التاجر المقدسي من خلالها، وهي الضرائب، وفرض الإغلاق في الأعياد اليهودية، بحجة أن فتحها سيؤثر على حماية المستوطنين.
ويرجع حموري سلسلة الإجراءات العقابية التي يفرضها الاحتلال على التاجر المقدسي إلى محاولة تهجيره من البلدة القديمة، وذلك يحقق أهدافه بتفريغ القدس من هويتها الإسلامية والعربية.
وتجدر الإشارة إلى أن التجار في البلدة القديمة عانوا من خسائر فادحة، فمن أصل 1400، هناك ما يقارب الـ 365 محلاً أغلقت في سوق الخواجات وسوق اللحامين وباب السلسلة، عدا عن 420 محلاً للتحف الشرقية أغلقت منذ بداية انتشار الجائحة، كما أن سوق العطارين انتهى هو وخان الزيت.
أشكال الانقضاض
وفي السياق ذاته، أدانت محافظة القدس عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية في عموم الضفة الغربية لا سيما في مدينة القدس، التي ترتكبها قوات الاحتلال بحججٍ وذرائع واهية مختلفة.
وقالت في بيان لها نقلته "الرسالة" إن قوات الاحتلال تنفذ عمليات الهدم بحجة عدم الترخيص، كوصفةٍ جاهزة وشكلٍ من أشكال الانقضاض على الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة والمناطق المصنفة (ج).
وأكدت أن علميات الهدم ستودي بعشرات العائلات الفلسطينية إلى البقاء دون مصادر دخل، خاصة أن غالبية التقارير الفلسطينية والدولية تُجمع على أن الاحتلال صعّد من عمليات هدم المنازل والمنشآت منذ بداية العام الحالي، منها التقرير الأخير الذي أصدره مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “اوتشا” في فلسطين”.
وشددت المحافظة على أن ذلك يعني أن الاحتلال يواصل انتهاكاته وجرائمه لضرب الوجود الفلسطيني ومحاصرته؛ خدمة لأغراضه الاستعمارية التوسعية، وهي تمارس بذلك تطهيراً عرقياً واضحاً لا لبس فيه.
كما حملت حكومة الاحتلال (الإسرائيلية) المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجرائم، وما ينتج عنها من عمليات تطهير عرقي واسعة النطاق، وضرب مقومات صمود الفلسطيني وبقائه في وطنه.
وحذرت في بيانها من مغبة التعامل مع تلك الجرائم كأمور باتت مألوفة لأنها تتكرر يومياً، أو التعامل معها كأرقام في إحصائيات لا تستدعي التوقف عندها بصورة جادة، محذرة مما ينتج عنها من ويلات المعاناة والآلام التي تتكبدها الأسر الفلسطينية بعد تعب سنوات طويلة من أجل بنائها.
وطالبت المجتمع الدولي وصنّاع القرار في المؤسسات الأممية والدولية الأخذ بالتقارير الدولية، بهذا الخصوص، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات والتدابير التي تكفل تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة.