قائمة الموقع

مقال: قليل من الماء والملح...كثير من الصبر والإرادة

2021-12-31T22:37:00+02:00
صورة "أرشيفية" للصحفي إياد الرواغ
بقلم: إياد الرواغ

لا أعرف كيف أصف ذلك المشهد الذي رأيته مراتٍ عديدة للأسير البطل هشام أبو هواش! فالصورة رغم حجم الألم والمعاناة الكبيرة المتمثلة في بقايا إنسان أنهك الجوع جسده ترسم جانبا آخر يتمثل في البطولة والصبر والعزيمة والإصرار اللامتناهي الذي يتمتع به هؤلاء الأبطال، كيف لا أقول ذلك حين أرى جسدا هزيلا قد التهم الجوع خلاياه واحدة بعد الأخرى في صراع مرير بين جوع الجسد للطعام وجوع الروح للحرية الجميلة التي بيعت لأجلها أرواح آلاف الفلسطينيين في مسيرة نضال ما زالت مستمرة منذ عقود منذ أن وطئت أقدام الاحتلال أرض فلسطين.

هشام أبو هواش ذلك الوجه الذي كان غضا باسما، أصبح الآن يحمل ملامح جديدة، بعد إضراب مستمر منذ أكثر من 137 يوما، خاضها رفضا لاعتقاله الإداري الذي بدأ من شهر أكتوبر 2020، وهو بالتأكيد ليس أول أسير فلسطيني يخوض هذه المعركة الصعبة المحفوفة بالموت ضد إدارة سجون الاحتلال، التي تعتقل في سجونها حوالي 500 أسير إداري من بين حوالي 4600 أسير فلسطيني موزعين في شتى سجونه المقامة على أرضنا المحتلة؛ أبو هواش لا سلاح له في هذه المعركة إلا بعض ماء وملح، مع كثير من الصبر والإرادة.. 137 يوما ينهش الجوع فيها جسد أبو هواش داخل السجن، بينما خارجه ترقب عائلته وأطفاله لحظة الحرية، يحيطهم قلق وخوف شديد على حياته المهددة بالموت في أي لحظة نتيجة تردي وضعه الصحي، خاصة بعد فقده القدرة على النطق والسمع والرؤية، ويحدوهم -رغم ذلك- أمل بأنه سينتصر وسيخرج حرا منتصرا.

في خضم هذه المعاناة الشديدة والخطورة المحدقة بحياة المضرب أبو هواش، أطلقت المقاومة تهديدا حذرت فيه من أي خطر قد يودي بحياته، محملة الاحتلال المسؤولية عن توتر وتصاعد حدة الأحداث في حال استشهاده، بل وصرحت المقاومة بأنها ستعد ذلك عملية اغتيال لشخصية كبيرة تستدعي بدء معركة جديدة مع الاحتلال، انطلقت أيضا في شتى أرجاء فلسطين فعاليات وأنشطة هنا وهناك -وهي جهد المقل- تخرج مساندة له ولأسرته، لعلها توصل صوته للعالم الظالم الصامت دوما عن جرائم الاحتلال التي لا تنتهي، بينما نكاد لا نسمع ركزا للجهات الرسمية التي لطالما صدعت رؤوسنا بالشعارات الرنانة والحروب الوهمية التي تخوضها تحت مسميات مختلفة كلها تصب في بوتقة التخاذل والخضوع.

إن قضية الأسرى واحدة من القضايا المصيرية المهمة بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، وفي ظل تكرار هذه الحرب الضروس ضد أجساد أسرانا، بات من الضروري أن تصعد المقاومة من سقف تهديداتها للاحتلال قولا وفعلا، على أن تكون الرسالة واضحة بارزة كوضوح العِظام الناتئة من بين ما تبقى من جسد أبو هواش المتهالك؛ فأسرانا خط أحمر، وحياتهم حياتنا. سينتصر أبو هواش، وسيخرج رافعا علامة النصر، وسيبكي أطفاله وأهله فرحا بنصر جديد انتزعته الحركة الأسيرة وأبطالها الميامين بكل فخر واعتزاز، وما النصر إلا من عند الله.

اخبار ذات صلة