الرسالة نت- خاص
منذ توليه زمام الحكم، نهج محمود عباس طريقاً واحداً لشرعنة سلوكياته غير القانونية، عبر التلاعب بالقوانين والتعديل عليها وتفصيلها بما يتناسب مع مصلحته، فكانت هيمنته واضحة على المنظومة القضائية، ما أدي إلى توسيع أشكال الفساد في المؤسسات الحكومية.
ومن ضمن القوانين التي يركز رئيس السلطة في تطويعها لصالحه تلك المتعلقة بالانتخابات سواء كانت الرئاسية أو التشريعية أو حتى انتخاب مجالس الهيئات المحلية، فعمل على إجراء الكثير من التعديلات عليها لعدة مرات عام 2005، و2012، 2017.
"الرسالة" تستعرض أبرز التغييرات التي طرأت على القوانين المتعلقة بمجالس الهيئات المحلية، والتي انتهت مرحلتها الأولى منذ أسابيع في الضفة الغربية بفوز المستقلين رغم تفرد "عباس" في التعديلات بعيداً عن الإجماع الوطني، واستبعاد مشاركة قطاع غزة.
ومن المقرر أن تبدأ "المرحلة الثانية" لانتخابات مجالس الهيئات المحلية بتاريخ 26 آذار مارس 2022، وذلك في 66 هيئة محلية، هي الهيئات المحلية المصنفة (أ) و(ب) بالضفة وغزة وعددها 55، إضافة للهيئات المحلية المصنفة (ج) في غزة والتي كانت مشمولة في المرحلة الأولى وعددها 11.
***تعديلات على المقاس
التعديل الأخير أجراه رئيس السلطة منفردا عام 2017، وكان القرار لتعديل قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005.
وينص القانون المعدل لسنة 2017 في مادته (2) على تعريف المحكمة المختصة الوارد في المادة (1) من التعريفات في القانون الأصلي ليصبح على النحو التالي: المحكمة المختصة "محكمة قضايا انتخاب الهيئات المحلية المشكلة بموجب هذا القرار بقانون.
ولم يحدد القانون من هي تلك المحكمة المختصة، رغم أنها كانت سابقا محكمة البداية، لينص القانون على إنشاء محكمة مستحدثة سماها محكمة قضايا انتخابات الهيئات المحلية، ليلغي القرار اختصاص محاكم البداية.
وبحسب مختصين حقوقيين، فإن الدافع لهذا التعديل كان قطع الطريق على اختصاص محاكم البداية في المحافظات الجنوبية، وأي محاكم بداية في المحافظات الشمالية يرأسها قضاة غير منسجمين مع سياسة السلطة، وبالتالي توحيد المرجعية القضائية بقضاة يعينهم الرئيس.
وذكر الحقوقي جمال حمزة، أن القانون الذي يحكم الانتخابات المحلية هو قانون انتخابات مجالس الهيئات 10 لسنة 2005 وعُدل عليه مرة أخرى بقانون 12 لسنة 2005، وهذا لا إشكالية فيه كقانون، لافتا إلى أنه في مايو 2013 صدر قرار بقانون 8 لسنة 2012 بموجبه أدخلت تعديلات على قانون انتخابات الهيئات المحلية 2005.
وأوضح حمزة لـ "الرسالة" أنه بموجب التعديل الأخير ألغيت مادة 4 وتبدلت بأخرى تضمنت فقرتها الثانية ما يفيد أنه في حال تعذر إجراء انتخابات المجالس في يوم واحد، يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار بإجراء الانتخابات على مراحل.
أما عن تعديلات قرارات قانون 2021 و2017، أشار الحقوقي إلى أن الأول جاء ليشرعن عملية فصل الانتخابات في دوائر الوطن بحيث لا تكون في وقت واحد، لافتاً إلى أن هناك ثغرة بالقانون المعدل تكمن في أن التغيير لم يكن قراراً وطنياً متوافقاً عليه بهدف السماح بإجرائها في مناطق محددة وتحرم أخرى وذلك وفق الأهواء.
ويستشهد حمزة على كلامه بما حدث حين أصدر مجلس الوزراء في رام الله قرار 16 لسنة 2021 بداية سبتمبر الماضي، والذي يجيز إجراء الانتخابات المحلية على مراحل، بحيث قسم مجالس الهيئات المحلية ذات تصنيف (ج) لتكون في الحادي شعر من ديسمبر الماضي، وهيئات ذات تصنيف (أ، ب) في الربع الأول من 2022.
وأشار إلى أن القرار حدد موعد انتخابات الهيئات المحلية في المحافظات الجنوبية ضمن المرحلة الثانية، مبينا أن الفصل بين المناطق التي تجري فيها الانتخابات يؤكد أنها تتم بعيدا عن أي توافق وطني.
ويرى الحقوقي حمزة أن الأصل يقتضي بأن هدف انتخابات الهيئات المحلية خدماتي، وتأجيلها دون معايير واضحة يثير الشك بنية الجهة المؤجلة، مؤكدا أن التأجيل دون تحديد مدة كما في قانون 2005 لأربعة أسابيع يعد موضع استهجان قانوني.
*** تجزئة الانتخابات المحلية
ومن ضمن التغييرات التي تستعرضها "الرسالة " أيضاً، مادة (3) والتي أضيفت إلى القانون الأصلي وتحمل رقم (2) مكرر وتنص على الآتي: تشكل المحكمة المختصة بموجب مرسوم رئاسي بناء على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى وتتألف من رئيس من قضاة المحكمة العليا، وأربعة عشر عضوا من قضاة الاستئناف والبداية.
وتختص المحكمة بالنظر في استئناف قرارات لجنة الانتخابات المركزية والنظر في الطعون بنتائج الانتخابات:
يكون المقر الرئيس للمحكمة في مدينة القدس، ولها أن تتخذ مقرين فرعيين في مدينتي رام الله وغزة وتقسم إلى أربع هيئات ثلاثية، وتنعقد كل هيئة للمحكمة بحضور ثلاثة من قضاتها برئاسة أعلاهم درجة وإن تساوت الدرجات يرأس الهيئة أقدم أعضائها ويجوز لرئيس المحكمة عقد المحكمة في غير مقراتها المذكورة في هذه الفقرة، ويتم التوزيع المكاني لهيئاتها حسبما يقرره رئيس المحكمة المختصة.
لا تقبل طلبات ولوائح الاستئناف والطعن بقرارات اللجنة أمام المحكمة، مالم تكن موقعة من محام مزاول، ويمثل اللجنة أمام المحكمة محام مزاول تختاره اللجنة.
تقدم طلبات الاستئناف والطعون لقلم المحكمة ضمن المواعيد المحددة في القانون الأصلي، ويعين قلم للمحكمة في كل مقر من مقرات انعقادها، وتفصل المحكمة في طلبات الاستئناف والطعون ضمن المدد المقررة في القانون الأصلي.
لا يجوز تأجيل المحاكمة وإصدار الحكم إلا إذا اقتضى ذلك ضرورة الحفاظ على حق الدفاع أو المصلحة العامة، ولا يكون التأجيل لأكثر من 48 ساعة.
تختص المحكمة بالنظر في مخالفات وجرائم الانتخابات الواردة في القانون الأصلي، وتمثل النيابة العامة الدعوى العمومية والحق العام أمام المحكمة فيما يتعلق بجرائم الانتخابات ويكون قرار المحكمة نهائيا، ويخصص لهذا الغرض طاقم من أعضاء النيابة العامة للمحكمة بقرار من النائب العام لدولة فلسطين.
يعفي الاستئناف والطعن الانتخابي الذي يقدم بموجب هذا القرار بقانون من الرسوم.
وتعقيبا على تلك التعديلات، فإنه من الملاحظ في هذه المادة المستحدثة، أن القرار بقانون استبدل محاكم البداية في المحافظات وأحل بدلا عنها محاكم خاصة عددها أربع هيئات ثلاثية العضوية، وبالتالي الفرق الرئيس بين القانون الأصلي والمعدل يكمن في تشكيل المحاكم، وأراد القرار بقانون فرض تشكيلات قضائية خاصة يسهل التحكم بها.
ومن التعديلات المتعلقة بقانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (12) لسنة 2005، جاء التعديل بقانون رقم (8) لسنة 2012 بحيث تلغى المادة (4) من القانون الأصلي ويستعاض عنها بالنص الآتي:
أن تجرى الانتخابات في مجالس الهيئات المحلية في يوم واحد كل أربع سنوات بقرار يصدر عن مجلس الوزراء، وفي حال تعذر إجراء انتخابات المجالس وفقا للفقرة (1) يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار بإجراء الانتخابات على مراحل وفق ما تقضيه المصلحة العامة.
وتكون مدة ولاية المجلس لأربع سنوات من تاريخ إجراءات الانتخابات، ويستمر المجلس المنتهية ولايته في تسيير أعمال المجلس لحين إجراء الانتخابات واستلام المجلس المنتخب لمهامه.
وكان تعقيب المراقبين الحقوقيين أن التعديل على فقرة "يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار بإجراء الانتخابات على مراحل وفق ما تقضيه المصلحة العامة"، كرس مبدأ مرحلية إجراء الانتخابات وتجزئتها "وفق المصلحة العامة" بقرار من مجلس الوزراء، بالإضافة إلى وجود إشكالية في هذا التوجه؛ وهي أن معيار المصلحة العامة فضفاض وتقديري لمجلس الوزراء، وبالتالي يمكن أن يندرج تحته أي ذريعة لتجزئة الانتخابات المحلية في مكان معين.
ويرى الحقوقيون أن المادة المعدلة الأخيرة تقضي باستمرار بعض المجالس لأكثر من أربع سنوات كمجلس تسييري بداعي تعذر إجراء الانتخابات لأسباب المصلحة العامة.