قائد الطوفان قائد الطوفان

حي ملاصق لجدار الفصل العنصري في القدس

في صور باهر.. هدم جديد يجعل الحياة مؤقتة

صور باهر
صور باهر

رشا فرحات

تبدو الحياة مبتورة في حي صور باهر، الملاصق لجدار الفصل العنصري في القدس المحتلة، لأن أهله يضعون كل ليلة أيديهم على قلوبهم خشية أن تأتي جرافات الاحتلال وتهدم حلم العمر، أو يأتي قرار بهدم ذاتي وغرامة مالية تكلفهم شقاء فوق آخر.

قبل يومين، وحينما أمسك علي دبابش معولاً -بأمر من سلطات الاحتلال- لينفذ قرار هدم بيته، شعر وكأنه يضرب أحد أبنائه، فاليد تضرب والقلب لا يهون عليه، فتخذله يده، وبقي مجبراً على الضرب، حتى سقطت الحجارة حجراً تلو الآخر، وتناثرت غرف الأطفال وأحلامهم مع بيت العمر الذي كان يحتضن أجسادهم بالأمس.

الزوجة تردد: "دائماً وأبداً نقول الحمد لله، لقد تأثرنا كثيراً، ولا نريد أن نُظهِر ضعفنا أمام أبنائنا ليستمدوا القوة منا، ولنستطيع معاً إعادة الذكريات، ولكننا أيضاً دفعنا مخالفة 25000 شيكل، غير تكلفة بناء البيت التي استنزفت عمراً طويلاً من العمل والعناء".

وينظر الأب دبابش إلى وجوه أبنائه الباحثين في ملامحه عن لمحة أمل لا يجدها هو: "صعب علي في هذا الشتاء أن يتشرد أطفالي، البرد هنا قارس، ولكن حكم القوي على الضعيف، ونحن أقوياء باليقن الذي يسكننا بأن هذا حق لنا وسيعود يوماً".

منذ بناء جدار الفصل العنصري وصور باهر تتصدر مشهد دفع الثمن، فتعرضت وسكانها الأربعة وعشرين ألفا إلى الكثير من محاولات التهجير القسري وهدم البيوت بحجة التراخيص.

وكانت عمليات الهدم في 2019 هي الأوسع التي نفذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، بعد عملية هدم مماثلة نفذتها في قرية قلنديا، قبلها بسنوات.

العمليات الواسعة في الهدم تستهدف القرية المنكوبة لأنها تقع داخل حدود المنطقة البلدية في القدس الشرقية، التي ضمّها الاحتلال إلى إقليمه من جانب واحد، لكن سكانها يفيدون بأنهم يملكون نحو 4 آلاف دونم من الأراضي في المناطق (أ) و(ب) و(ج)، حسب ما نصت عليه اتفاقية أوسلو.

وجاء جدار الفصل العنصري ليقسم صور باهر بحيث تقع أجزاء منه في المناطق المصنفة بــ (أ) وأخرى في(ب) و(ج) على جانب القدس المحتلة، وهي التي يسكنها نحو 6 آلاف نسمة، والمصنفة جزءاً من أراضي السلطة بموجب اتفاقيات أوسلو.

وطبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة "أوتشا"، فإن السلطة الفلسطينية لا تملك القدرة على الوصول إلى المنطقتين (أ) و(ب) في صور باهر أو تقديم الخدمات فيهما، على الرغم من أنها لا تزال تصدر رخص البناء فيهما، حسب مهامها التي نصت عليها أوسلو.

ناصر هدمي، الناشط في قضايا الاستيطان أوضح في مكالمة مع "الرسالة" أن صور باهر لم تكن مشكلة، حتى أتى الجدار واخترقها عنوة، مشيراً إلى أن جميع البيوت التي تُهدم لها تراخيص بناء من السلطة نظراً لأنها تقع تحت مسؤوليتها.

أهمية صور باهر تنبع من موقعها بين بيت لحم والقدس، وهذا الموقع الاستراتيجي يجعلها محط أنظار التوسعة الاستيطانية الذي يسعى لجعلها مناطق عازلة بين القدس والمدن الأخرى.

وهذا جعل هجمة الهدم تأكل معظم بيوت صور باهر في عام 2019 حينما هدم الاحتلال أكثر من 30 منزلاً ومنع منازل أخرى من التمدد وفقاً لقول الهدمي.

ويرى الهدمي أن هدف الاحتلال اختراق المجتمع المقدسي، وفصله عن بقية المناطق وذلك لا يتم إلا إذا أحيطت المدينة بالمستوطنات من كل جهة، لفصل القدس عن بقية المدن فلسطينية الهوية في الضفة لنزع الهوية العربية عن القدس.

البث المباشر