على غرار شقيقاتها من الدول تسعى الجزائر إلى احداث اختراق في جدار الانقسام الفلسطيني، ودفع عجلة المصالحة الفلسطينية المتعطلة منذ سنوات عبر عقد لقاءات منفردة بين مختلف الفصائل الفلسطينية على حدة للاستماع لوجهات النظر وعقد لقاء جامع.
وبدأت وفود الفصائل الفلسطينية تصل إلى العاصمة الجزائرية من اليوم وعلى مدار الأيام المقبلة تباعا؛ تلبية لدعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال لقائه برئيس السلطة محمود عباس، في السادس من ديسمبر/ كانون أول الماضي، باستضافة مؤتمر جامع للفصائل.
وسيجتمع الفريق الجزائري المكلف بملف المؤتمر الفلسطيني الجامع، بقيادات الفصائل في جولة أولى سيكون الهدف منها سماع أراء ومواقفهم، قبل الوصول إلى "المؤتمر الجامع" الذي ينتظر أن يكون بإشراف مباشر من الرئيس تبون.
هذا اللقاء يأتي لكسر حالة الركود والجمود الذي أصاب ملف المصالحة وانهاء الانقسام عقب تعطيل وإلغاء رئيس السلطة عباس للانتخابات التشريعي والرئاسية والمجلس الوطني الذي جرى التوافق على اجرائها في مايو الماضي بعد سلسلة لقاءات في القاهرة، على أساس أن تكون هذه الانتخابات التي أُلغيت مقدمة لرأب الصدع وانهاء الانقسام.
ورغم مساعي الجزائر ومن قبلها القاهرة وموسكو وغيرهم من الدول التي حاولت احداث اختراق في هذا الملف، إلا أن العديد من العوامل والتدخلات وتقاطع المصالح لدى أصحاب النفوذ داخل السلطة الفلسطينية كان يعرقل الوصول لتحقيق انجاز في هذا الملف.
ويعتقد فريق رئيس السلطة أن الذهاب للانتخابات والمصالحة يمكن أن يشكل خطرا على مستقبلهم السياسي، لا سيما بعد حالة التقارب مع الإدارة الأمريكية الجديدة وقادة الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الفلسطيني الداخلي.
ولا تشير المعطيات على أرض الواقع أن رئيس السلطة يرغب في أن يخُرج ورقة المصالحة المُجمدة من درجه، في ظل اعتقاده أن الورقة الأهم لديه حاليا هي احياء مشروع التسوية والسعي لعقد لقاءات مع الإسرائيليين.
وما يعزز هذه الفرضية هو وضع عباس اشتراطات أمام حركة حماس بأن تحقيق المصالحة وإعادة بناء النظام الفلسطيني يتطلب منها الاعتراف بشروط الرباعية الدولية، وهو ما يعني العودة لنقطة الصفر في الخلافات ووضع العقدة في المنشار الجزائري.
وعلى الطرف الآخر فإن حماس تُبدي مرونة عالية وتسعى لإنجاح هذا التحرك الدولي الجديد الذي ترعاه الجزائر، عبر ذهاب وفدها دون أن يحمل أي شروط مسبقة وفق ما تحدث به رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية الذي اعتبر "لقاء الجزائر فرصة لا تعوّض".
وما بين مرونة حماس واشتراطات عباس تبقى الجهود والمساعي الدولية لإنهاء الانقسام قفزات في الهواء دون أي نتائج أو انجاز فعلي يمكن أن يتوج بإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الفلسطينية.