بدأ الاحتلال شق مشروع استيطاني جديد يعد من أكبر مشاريعه في القدس المحتلة، ويطلق عليه اسم الشارع الأمريكي، ويمتد لمسافة 12 كيلو متر من صور باهر شرق القدس وحتى منطقة الطور، بهدف ربط المستوطنات اليهودية وتسهيل حركة المستوطنين شرق المدينة.
وعن المشروع، قال الباحث والمؤرخ خليل التفكجي إنه يقع ضمن برنامج وُضع عام 73 ويهدف إلى تحقيق الأغلبية اليهودية، وعليه بدأ الاحتلال مصادرة الأراضي والسيطرة على المنازل، من أجل الضبط السكاني وفق سياسته العنصرية وتغيير الديمغرافية داخل القدس.
وهكذا، بعد أن كان عدد الفلسطينيين سبعين ألفاً عام 67، ولا وجود لليهود، يوجد اليوم 220 ألف (إسرائيلي) يستوطنون القدس المحتلة، وكل ذلك بعد بناء الجدار وربط المستوطنات ببعضها والسيطرة على الأراضي داخل الأحياء الفلسطينية وهدم المنازل وبناء الشوارع كجزء من هذا المخطط، وفق التفكجي.
المحتل لا يفهم إلا عملية الدمج بين الأمكنة العربية و(الإسرائيلية) وبين القدس الشرقية والغربية لتوحيد المدينة، لذا فإن هدفه، وفق التفكجي، تحويل فكرة حل الدولتين إلى شيء مستحيل التحقق، لذلك يعمل على بناء المستوطنات في أكثر الأماكن حيوية كرأس العامود والشيخ جراح، لإقامة عاصمة يهودية في القدس وهي مشروع القدس الكبرى، مضيفاً: "الدولة الفلسطينية غير موجودة في الأجندة اليهودية أصلاً".
هدف آخر ينقله الباحث والمؤرخ وهو عزل القرى الفلسطينية ومحاصرتها بالشوارع والمستعمرات ومصادرة تلك الأراضي لصالح شق هذا الشارع.
الشارع الأمريكي الذي ينوي الاحتلال إنشاءه تحت اسم شارع الطوق لمصادرة 1070 دونما من القدس لربط المستعمرات التي تقع خارج حدود البلدية مع المستعمرات التي تقع داخلها.
ويسعى الشارع الأمريكي إلى قلب الميزان الديمغرافي لصالح العدد اليهودي، إلى جانب مشروع "القدس 2050" الذي يهدف إلى أن يصل عدد اليهود في القدس إلى 20000 (إسرائيلي) لأن الهاجس الأكبر للاحتلال هو بقاء اليهود أقلية.
بدوره، يرى صلاح الخواجا الباحث في الاستيطان أن (إسرائيل) حينما اختارت هذا الاسم كانت تسعى لجلب تمويل أمريكي وتريد أن تشكر ترامب على ما قدمه للاستيطان، وبدأت شق الطريق الذي يربط بين القدس الشرقية والغربية كبداية لمستوطنة تتوسع تدريجياً حتى تأكل القدس الشرقية فتصل بالاحتلال إلى تحقيق مشروع القدس الكبرى.
والقدس الكبرى هي خطة قديمة شرع فيها الاحتلال فعلياً منذ سنوات، ولا زالت حتى اليوم تسعى لطمس معالم الطابع العربي القديم لتمحو أي أثر للحضارات العربية وفرض صورة جديدة للمدينة وكأنها مدينة أوروبية لم يكن لها وجود ما قبل "إسرائيل" وذلك لا يتم وفق الخواجا إلا ببناء أكبر عدد من المستوطنات التي تبدأ بشق الطرق ثم تتوسع لتصبح مستوطنة كبيرة.
وتشمل خطة القدس الكبرى بناء جدار الفصل العنصري وبناء الحواجز الأمنية وإغلاق المؤسسات الوطنية خاصة القديمة والتاريخية منها، وإنشاء متاحف ومعابد يهودية والادعاء بأنها قديمة وأثرية، وحتى بناء مقابر وهمية، كل ذلك لصناعة مدينة بأغلبية يهودية، وكأن التاريخ لا يعرف نفسه.