لا شكَّ أنَّ الكثير من المشاكل سواء العائلية أو الصحية تنجم عن الإدمان الإلكتروني، بدءاً من استعمال الوالدين للهواتف الذكية وصولاً إلى إهدار الأطفال لأوقاتهم على ممارسة ألعاب الفيديو، ولكن في الواقع توجد فرصةٌ رائعة للتفكير في إعادة ضبط علاقات أفراد العائلة في هذه الأجهزة.
علاج الإدمان الإلكتروني
يقول طبيب الأسرة جيف ستورير إن العلاقات بسبب الإدمان الإلكتروني باتت أضعف، وتركت الناس يشعرون بعدم الأمان.
وأضاف وفقاً لموقع The Church of Jesus Christ: "يكتشف العديد من الباحثين أن التقارير المتزايدة عن الاكتئاب والقلق والتنمر والانتحار لها صلة بوباء الوحدة، الناجم إلى حد كبير عن الاستخدام الواسع النطاق للأجهزة الإلكترونية الشخصية".
وأوضح أنّه على الرغم من أن الجميع قد يكونون معاً جسدياً، فإنه عند ظهور الأجهزة الإلكترونية واستخدامها يبدأ شعور الوحدة والانفصال عن الاتصال البشري، لذلك يجب أن ندرك الانقسام الذي يحدث عندما تتسلل الأجهزة إلى التجمعات العائلية، مؤكداً أن علينا وضع التكنولوجيا في مكانها المناسب بحيث تخدم علاقاتنا بدلاً من تآكلها.
الإدمان الإلكتروني يجعلنا متعبين
كما أكد طبيب الأسرة أنّ الأجهزة الإلكترونية تقلل من قيمة العالم المادي من حولنا بكل أصواته وملامسه وأحاسيسه، ويقايضها بعالم افتراضي لا يربطنا بعمق بأجسادنا وبيئتنا، ويجعلنا نفقد إشارات جسدية مهمة تخبرنا بما نحتاجه لنكون بصحة جيدة.
على سبيل المثال يمكن أن يمنعنا الجلوس المفروط أمام الشاشة لمشاهدة فيلم ما من ملاحظة أننا متعبون أو جائعون أو متوترون.
وبالتالي يمكن أن يؤدي هذا الانفصال عن العالم المادي أيضاً إلى تقويض إحساسنا بالبهجة، فهناك فرق كبيربين تلقي رمز تعبيري ضاحك على الشاشة وتجربة الضحك الفردي مع شخص عزيز عليك يجلس أمامك.
ولذلك سنقدم إليك بعض النصائح حول كيفية علاج الإدمان الإلكتروني:
1 – تأخير منح الأطفال الهواتف الذكية وحسابات التواصل
قم بتأخير ملكية الهواتف الذكية والمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي لأطفالك حتى يصبحوا بالغين ويتمكنوا من تطوير مهارات اجتماعية شخصية مناسبة لهم، مثل الاستماع والتواصل البصري وإظهار التعاطف والوعي بالآخرين.
ولا تنس أنّ أحد الأسباب التي تجعل متوسط عمر التعرض للمواد الإباحية يبلغ 11 عاماً هو أن العديد من الأطفال يحصلون على هواتف ذكية في سن مبكرة.
ضع ذلك في اعتبارك أيضاً: حتى إذا كان أطفالك ناضجين بدرجة كافية لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، فإن العديد من الأشخاص الآخرين عبر الإنترنت الذين يمكنهم الوصول إلى حسابات طفلك الاجتماعية ليسوا كذلك.
2 – ضع قواعد أسرية وحدوداً لا يمكن تجاوزها
ضع حدوداً واضحة في منزلك لوقت استخدام الهواتف الذكية والأجهزة ثم وضعها بعيداً.
قم بدعوة كل فرد في العائلة إلى التفكير في أخذ فترات راحة من أجهزتهم بانتظام، ووضع الأجهزة تلك في أماكن مخصصة بعيدة عن المتناول مثل المطبخ مثلاً، حيث لا يمكن الوصول إليهم بسهولة.
فعندما نضع قيوداً وحدوداً على استخدام أجهزتنا، سيبدأ أفراد العائلة في الشعور بأنهم أكثر ارتباطاً.
بالإضافة إلى تشجيع الأطفال على التركيز بشكلٍ أكبر مع الطبيعة والأشخاص من حولهم، كما يُنصح بعقد اجتماعات عائلية والاتفاق على بعض المساحات التي لن يستخدم الأطفال (والآباء) الأجهزة التكنولوجية داخلها، مثل السيارة وغرف النوم وطاولة العشاء.
3 – درّب نفسك على عدم الاستجابة الفورية
هل أنت من الأشخاص الذين يعتقدون أنّ عليهم الرد فوراً على أي رسالة تصله على مواقع التواصل الاجتماعية؟ في الحقيقة معظم تلك الرسائل التي تردنا ليست ذات أهمية.
وبالتالي عليك تدريب نفسك على تأخير ردك على تلك الرسائل حتى تكون أكثر إدراكاً وحضوراً لمن حولك ولتقليل وقت استخدامك للهاتف، إضافة إلى تدريب نفسك على أنّه لو كانت هناك حاجة ملحة أو ضرورية لكان وردك اتصال بدلاً من تلك الرسالة.
4 – اختر العادات التكنولوجية التي ترغب في الحفاظ عليها
هل بدأت في الدردشة بصفةٍ أسبوعية مع أقاربك أو أصدقائك البعيدين مستخدماً تقنية محادثات الفيديو؟
هل اكتشف أطفالك مواقع ويب رائعة للبرمجة أو الفنون الرقمية؟
هل أنشأت قوائم تشغيل رقمية جديدة أو عثرت على مدونات صوتية (بودكاست) ترغبون في الاستمتاع بها معاً؟
لا تدخر جهداً في الحفاظ على هذه العادات، فهذه أمثلةٌ رائعة على تلبية الاحتياجات البشرية والإبداعية للأطفال من خلال التجارب التكنولوجية.
5 – ضع خطةً لاستبدال وقت التكنولوجيا
أصعب جزءٍ في إعادة ضبط العادات التكنولوجية للعائلة هو أن الأطفال سيبدأون بالشكوى والبكاء، وربما يصرخون ويقولون لنا إنّنا أسوأ آباءٍ على الإطلاق.
ويجب أن تفهم أن الأطفال اعتادوا على مقاطع الفيديو والألعاب الجديدة عالية المتعة، مما يجعل العالم العادي يبدو مملاً عند مقارنته بها.
ويعتمد تصميم الكثير من وسائط التكنولوجيا على فكرة جذب الأطفال بدرجةٍ يصعب معها التوقف عن المشاهدة أو اللعب، وبالتالي ستُواجه شكاوى أكبر -يمكن وصفها بـ"صيحات انقراض"- حين تحاول تغيير طريقة استخدامهم للتكنولوجيا.
ومع ذلك، يمكنك تهيئة نفسك للنجاح عن طريق ما ينصحك به موقع Good Men Project الأمريكي:
1 – تحديد نشاطٍ بديل يمكن فعله، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون نشاطاً يُعجب طفلك (مثل الطهي معاً، أو ممارسة الرياضة، أو السباحة، أو ألعاب الطاولة، أو تبادل النكات).
2 – الحفاظ على هدوئك وعدم تصعيد الخلاف.
3 – تخصيص وقت محدد من اليوم يمكنهم خلاله ممارسة نشاطهم التكنولوجي المفضل (ويمكنك أيضاً إضافته إلى التقويم)، حتى يعلموا أنّهم سيحصلون على وصولٍ مضمون لذلك النشاط دون الحاجة إلى التوسّل ليلاً ونهاراً.
6 – تفهّم الدور العاطفي الذي كانت التكنولوجيا تُؤديه لعائلتك
يمكن للتكنولوجيا أن تكون مهدئةً للغاية، وقد صارت جزءاً من مناطق راحتنا أثناء تكيّفنا مع ضغوطات جائحة كورونا.
وربما يستخدم بعض الأطفال مقاطع الفيديو لتهدئة أنفسهم في المساء، أو تجنّب الأنشطة التي تضغط عليهم، أو لمجرد أنّها تمنحهم شعوراً جيداً!
وفي خضم محاولاتك لتغيير معدلات استخدام الوسائط في عائلتك؛ حاول أن تفهم النقاط التي يجب أن تخصص لها استراتيجيات مختلفة من أجل إدارة مخاوف أطفالك، أو دفعهم لممارسة أنشطة جديدة، أو تعليمهم كيفية تهدئة أنفسهم.
7 – اضبط مؤقتاً لأطفالك
تقول المعالجة الأسرية إيلين فوغل شنايدر، مؤلفة كتاب 7 استراتيجيات لرفع الهدوء وإلهام الأطفال والناجحين: "إن الأطفال مرتبطون جداً بالتكنولوجيا في مثل هذه السن المبكرة، حتى إنها يمكن أن تغير دارات دماغهم."
لذلك تنصح شنايدر وفقاً لموقع Financial Review الأسترالي بضبط مؤقت يسمح لأطفالك بمعرفة أن وقف ترك الهاتف أو الابتعاد عن أجهزة ألعاب الفيديو قد حان.
إليكم طرقاً أخرى بإمكانكم استخدامها لمساعدتكم على التخلص من الإدمان الإلكتروني:
– قم بإيقاف تشغيل الإخطارات.
– حدد أوقاتاً للتحقق من هاتفك.
– استبدل استخدام الهاتف الذكي بشيء تقدره.
– لا تأخذ هاتفك للنوم.