بعد سبع سنوات عجاف داخل سجون الاحتلال (الإسرائيلي)، أتم أحمد مناصرة عشرين عامًا من عمره، حيث أنهى طفولته متنقلًا بين الزنازين، يرسم على جدرانها أحلامه الصغيرة، ويتعلم من الثوار المعتقلين أسمى معاني الوطنية وحب الأرض.
مجرد أن يذكر اسم مناصرة، سرعان ما يتوارد للأذهان الفيديو الذي تم تسريبه أثناء التحقيق معه وهو يردد باكيًا "مش متذكر"، وصرخات الضابط الإسرائيلي تتعالى وينهال عليه بالشتائم.
بات مناصرة أيقونة انتفاضة القدس التي اشتعلت عام 2015، فقد اتُهم بتنفيذ عملية طعن في مستوطنة "بسغات زئيف" برفقة ابن عمه الشهيد حسن، وحُكم بالسجن الفعلي 12 عامًا ودفع غرامة مالية 180 ألف شيكل.
الحكم الذي صدر على مناصرة جاء بعد سنوات قليلة من اعتقاله ليبلغ الرابعة عشر. تلاعب الاحتلال بالقوانين وبات يفصلها على مقاس عنصريته وظلمه خاصة على الأطفال ليشرعن اعتقال الصغار، مما خيب آمال المدافعين عن حقوق الطفل.
في كل مرة كان يُعرض فيها الشاب مناصرة على المحكمة الإسرائيلية أو تسرب له صورة من معتقله، كانت ملامح الرجولة ترتسم على وجهه، فالسجن الذي ظن المحتل أنه سيقهره جعل منه رجلًا قويًا صلبًا يقف في وجه سجانه غير مهتم لعقوباته.
لم يغب عن الذاكرة منذ المرة الأولى التي عرف فيه الجميع الفتى مناصرة حين كان عمره 13 عامًا وهو ملقى على الأرض والمستوطنون من حوله يركلونه بشدة ويشتمونه ويحرّضون على قتله.
ورغم المضايقات والضرب الذي تعرض له، لم يكن في عقل الفتي سوى ماذا حلّ بابن عمه حسن الذي أعدم أمام عينيه والدماء تسيل من جثته.
كل تلك الأحداث العنصرية تركت حينها جرحًا عميقًا في رأس مناصرة، وأوجاعا في جسده فضلاً عن الأثر النفسي بعد الضغط عليه خلال جلسات التحقيق.
وحُكم على مناصرة بالسجن 9 سنوات ونصف، تنقل خلالها بين عدة سجون. وفي عام 2020 حرمه الاحتلال حقه في التعليم وتقديم اختبار الثانوية العامة قبل أن يجتازه بنجاح عام 2021.
ودخل مناصرة المعتقل طالبًا في الصف الثامن واليوم هو واحد من مئات الأطفال الفلسطينيين الذين أصبحوا شبابًا في الأسر.
ووفق إحصائية أعدها نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الأطفال في سجون الاحتلال ما بين عام 1967 – 2020 بلغ أكثر من خمسين ألف طفل، ومنذ مطلع 2021 وحتى نهاية نوفمبر اعتقل أكثر من 1149 طفلاً، ووصل العدد مطلع 2022 160 طفلًا وطفلة يوجدون في معتقلات مجدو والدامون وعوفر.