ارتقى العشرات من الأسرى المرضى شهداء نتيجة الإهمال الطبي، ومثلهم لايزالون يعانون الأمراض المزمنة والخطيرة دون أن تقدم لهم الرعاية الطبية اللازمة، فبات الأمس هينًا عليهم مقارنة باليوم بفعل فايروس كورونا الذي ينتشر بينهم.
وتفاقمت معاناة الأسرى ما بين الأمراض التي يعانون منها بالأساس، وفايروس كورونا الذي ينهك صحتهم، وتكتفي مصلحة السجون بعزل المصابين دون أي إجراءات وقاية أخرى، وبات الأسرى الأصحاء يأخذون على عاتقهم رعاية رفاقهم من خلال إعداد الأعشاب الساخنة لهم حال توفرها، والشوربات.
وتعد المعتقلات (الإسرائيلية) بيئة خصبة لانتشار فايروس كورونا، مما ينذر بكارثة حقيقية في ظل انعدام الإجراءات الوقائية اللازمة، واستمرار إدارة سجون الاحتلال بتحويل الوباء إلى أداة تنكيل بحق الأسرى.
كما تتعمد مصلحة السجون الاستهتار بحياة الأسرى، وتتركهم عرضة للإصابة بالفايروس باستخدام عدة طرق منها نقلهم من سجن لآخر، والتهرب من توفير أي مواد تعقيم أو تنظيف داخل السجون، عدا عن حالة الاكتظاظ نتيجة الاعتقالات اليومية وهو ما يشكل بيئة خصبة لوجود العشرات من المرضى الذين هم بوضع صحي متردي.
ليس جديداً الحديث عن فايروس كورونا وهو يتغلغل في صفوف الأسرى، لكن الخطير هو إصابة أكثر من 120 أسيراً في سجن عوفر وذلك مؤشر خطير على حجم الإهمال والتقصير.
سوء التغذية وتأجيل الفحوص
يقول إسلام عبده الناطق باسم وزارة الأسرى إنهم ينظرون بخطورة كبيرة للأوضاع التى يعيشها الأسرى مع تأكيد إصابة أكثر من 120 أسيراً في سجن عوفر وتسجيل 10 إصابات في سجن "ايشل- بئر السبع".
وأكد عبده "للرسالة" أن إدارة سجون الاحتلال لاتزال تماطل في اتخاذ الإجراءات الوقائية ووسائل التعقيم الكافية لحماية الأسرى، إضافة إلى استمرار سياسة الإهمال الطبي ضد الأسرى.
وبحسب متابعته، فإن الأسرى الأصحاء في حالة قلق وتوتر خشية أن يصيبهم فايروس كورونا، موضحًا أن الاسرى باتوا ينظرون بعين القلق لما يجري لزملائهم المرضى فباتوا يخشون على صحتهم لأنهم يدركون أن العلاج سيكون حبة "أسبرين" والموت سيهددهم في حال أصيبوا بمرض خطير كالسرطان.
وذكر أن أهالي الأسرى في حالة قلق وتوتر لعلمهم بالأوضاع الصحية المتردية داخل السجون، فطيلة الوقت الاتصالات متواصلة للاطمئنان على أولادهم.
ويؤكد عبده أن الاحتلال لن يتوقف عن سياسته الممنهجة في قتل الأسرى وتركهم دون علاج طالما لا يوجد رادع لـ (إسرائيل) أو موقف دولي أو عقوبة تفرضها المحاكم الجنائية.
ولفت إلى أن بيئة السجون تفتقر إلى وسائل الحماية والوقاية، وهي مكان خصب لزرع المرض في أجساد الأسرى، بالإضافة إلى سوء التغذية والتأخير في العلاج والفحوص الطبية، التي تعجل بتفشي الفيروس بدرجة كبيرة.
ودوما تترك (إسرائيل) الأسرى يصارعون المرض في السجون حتى يفارقوا الحياة، فقد وصل عدد من ارتقوا شهداء داخل الزنازين حوالي 227 أسيراً.
وفي حديث سابق "للرسالة" معه، ذكر المحرر أحمد الفليت أن (إسرائيل) لا تفرج عن أي أسير مريض مهما كان وضعه الصحي، إلا إذا كانت تدرك أنه سيموت بعد أيام قليلة، مبيناً أن هناك أسرى كان وضعهم مأساويا ولم تستجب لمطالب الإفراج عنهم رغم الضغوط الدولية.
ويرى الفليت أن (إسرائيل) تتحفظ على الأسرى المرضى لاسيما من هم بوضع صحي حرج ضمن سياسة الردع، مشيراً إلى أن ملف الإهمال الطبي هو الأصعب داخل السجون لكن لا يوجد فيه أي تقدم ملموس رغم المفاوضات بل إن الوضع يتفاقم ويزداد سوءاً.
وعن الخطورة التي سيشكلها الأسير المريض حال الإفراج عنه كما تدعي (إسرائيل)، ذكر أن المعتقل لا يشكل خطرًا على دولة الاحتلال، لكن الأخيرة تريد الانتقام منه على ما قام به قبل اعتقاله وليكون رادعاً لغيره.
وتطرق الفليت خلال حديثه إلى السلطة، مشيراً إلى أنها تتحمل مسئولية الأسرى المرضى داخل السجون، فهي حين انضمت إلى الأمم المتحدة في ديسمبر 2011 كان عليها استغلال ذلك من خلال وضع قضية الأسرى لاسيما المرضى أمام المحكمة الدولية واستغلال الثغرات القانونية المتعلقة بالأسرى، خاصة أنه لا يحق لـ(إسرائيل) نقل الأسير إلى معتقل بعيد عن بلدته، لافتاً إلى أن 90% من الأسرى في سجون مقامة داخل الأراضي المحتلة.
ووفق قوله، فإن إصرار (إسرائيل) على بقاء الأسرى المرضى داخل المعتقلات يهدف إلى كي وعي المقاومة في الثقافة الفلسطينية من خلال تعذيب الأسرى وإهمال ملفهم الطبي.
ويجدر الإشارة إلى أن الاحتلال كان في 2018 يريد إقرار قانون الإعدام لكن خوفه من تشويه صورته أمام العالم الغربي جعله يسلك نهجاً آخر وهو الإعدام من خلال إهمال الملف الطبي للأسرى.