الفعل والفاعل السياسي واحد بِرُغم تعدد المصطلحات التي تنطبق عليه أو تتناسب مع وصفها له سواء تمثّلت بِكونه دكتاتوري سياسي ، أم طاغية ، حاكم مستبد ، رئيس مُستعبد لشعبه ، وما شابه ، لكن بات مِن المعلوم للفلسطينيين أنّه تربّع على عرش الحكم والنظام السياسي الفلسطيني المُتهالك بسببه منذ ما يزيد عن العِقد والذي شهد ولا يزال أسوأ مراحل له ، وقد مرّ على تاريخ القضية الفلسطينية التي باتت تحتضر نتيجة ممارسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سياسة التفرد والإقصاء والتغول على إرادة الشعب الفلسطيني الذي حُرم من حقِّه في تقرير مصيره ، بل ومُنع مِن اختيار مَن يُمثِّله ويُعبٍّر عن آماله وتطلعاته الوطنية المُتأصّلة والمتعلقة بالمشاركة في عملية سياسية ديمقراطية تُفرز قيادة وطنية فلسطينية جديدة قادرة على إدارة المنظومة السياسية الفلسطينية بكل ما فيها من مكونات وثوابت فلسطينية مُقدسة تحظى بإجماعٍ وطني وشعبي وفصائلي يُعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي
وكان من المُفترض في الثاني والعشرين من مايو العام المنصرم أن تُعقد الانتخابات الفلسطينية بمراحلها المختلفة بدءًا بالتشريعية والتي أُلغيت بقرار من رئيس السلطة محمود عباس بحجة عدم مشاركة القدس ، والحقيقة هي تخوفه من الفشل والخسارة السياسية نتيجة تراجع شعبيته وليست القدس المبرر والسبب المانع ، لذلك أعلن حينها التأجيل لمراحل الانتخابات السياسية الفلسطينية كاملة ، لكنها فُهمت واتضحت للرأي العام الفلسطيني بأنها إلغاء وليست تأجيل كما ادّعى .
سياسة التهميش والاستفراد والتفرد والإقصاء للأطراف السياسية الفاعلة في الساحة الفلسطينية كحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي ليست وليدة اللحظة بل هي نِتاج ترهل النظام السياسي الفلسطيني وغياب المنظومة السياسية الفلسطينية المتكاملة وظهر ذلك من خلال هيمنة سلطة محمود عباس وسيطرتها الكاملة على منظمة التحرير الفلسطينية دون الرجوع للفصائل الفلسطينية ذات الوزن والحضور السياسي، والذي أدى إلى تراجعها خاصة مع توالي فسادها وإحكام قبضتها الأمنية في الضفة الغربية المحتلة ومُصادرتها حريات الرأي والتعبير وملاحقتها على هذه الخلفية بالاعتقال السياسي والتعذيب والقتل كما حدث مع الناشط والمعارض السياسي نزار بنات، وهذا الحدث المتمثل بالجريمة السياسية والوطنية أفقدها شعبيتها ووضعها تحت المجهر لا سيّما مع تفشي الاستبداد في منظومتها الأمنية والقضائية والمجتمعية .
ولعل الحدث الأبرز سياسيًا والذي تتجه نحوه الأضواء الفلسطينية هو انعقاد المجلس المركزي في السادس من شهر فبراير المقبل وسط مقاطعة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تُعد ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية الفلسطينية ، إضافة إلى أحزاب سياسية كحركة حماس والجهاد الإسلامي ، وجهات أخرى جميعهم أبدوا معارضة سياسية لِنهج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس
المُتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني ، هذا باستثناء الفُتات من الأشكال والألوان السياسية المعروفة بتبعيتها له وانحيازها إليه؛ دون أن تحظى بمرجعية وطنية فلسطينية و عليه إنّ ذلك يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على فشل المسار السياسي الفلسطيني الذي تتبعه السلطة منذ إعلانها إتفاقية أوسلو وما نتج عنها من مخرجات أدت إلى ضياع القضية الفلسطينية وصولًا لمرحلة دعوتها لعقد اجتماع المجلس المركزي .
استكمالًا للضغط الفلسطيني السياسي انبثق عن الساحة السياسية الفلسطينية المُعارضة لِنهج الإقصاء والهيمنة والتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني ، أطياف سياسية أخرى رفعت صوتها عاليًا مطالبةً بتشكيل جبهة رفض وطنية وهم
تجمع الأحرار
الحراك ضد الفساد
الحراك العمالي وبعض القوائم المستقلة ، هذا إلى جانب مقاطعة كل
الجبهة الشعبية _ القيادة العامة
طلائع حزب التحرير الشعبية _ قوات الصاعقة .
ومع تصاعد وتيرة الرفض السياسي لحالة التفرد بالقرار الفلسطيني ، لم يتضح بعد كيفية المشاركة والموافقة من حركة فتح محمود عباس على انعقاد دورة المجلس المركزي بشكله الحالي وهل ستبلغ نسبة الحضور حد النصاب ؟! ، وتبقى التوقعات بتعينات شكلية مُتفق عليها ومُخطط لها مسبقًا هي سيدة الموقف والحضور المدعو من محمود عباس هو للتوقيع والامضاء بخط الخيانة والتآمر الوطني على الشعب والأرض والقضية الفلسطينية ........