تثير مخرجات المجلس المركزي حالة من الغثيان لدى الشارع الفلسطيني بعد أن تحولت إلى حبر لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، في ظل تطابق القرارات وتكرار الدعوة إلى وقف التنسيق الأمني وقطع العلاقة مع "إسرائيل" دون أي تنفيذ.
تجسد تكرار القرارات وتناقض الأفعال لدى القيادة المتنفذة داخل مقر المقاطعة، المقولة القائلة إن انعدام الرغبة أمام الشيء الذي أدمنته وهو انتصار، وحتى الواقع على الأرض يخالف المقولة نفسها فـعلاقة رأس السلطة مع "إسرائيل" في أوجها، والعلاقة الأمنية أصبحت أكثر متانة، وعملية الاغتيال الأخيرة لأبطال نابلس خير دليل.
وبحكم الواقع فإن الشارع الفلسطيني المنهك بالأزمات الناتجة عن اتفاق "أوسلو" وسلوك سلطته، بات اليوم أكثر ذكاءً في السياسة ولا تنطلي عليه لعبة "الخداع" الذي تمارسها القيادة المتنفذة من خلال سرقة المنظمة والسيطرة عليها واتخاذ قرارات أصبحت أقرب للشعارات من التنفيذ.
التناقض وصل حد الدعوة إلى إقامة حكومة وحدة وطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، في ذات الوقت جاءت عقد المجلس المركزي بشكل منفرد وفي ظل مقاطعة كبيرة من مختلف الفصائل الفلسطينية، ما يعني أن الجلسة عززت الانقسام الذي تدعو إلى إنهائه!
ولا زالت القيادة المهيمنة على القرار السياسي للشعب الفلسطيني تضرب حالة الاجماع الوطني وتتمسك بخيار التسوية، عبر الاستجداء المتكرر ضمن البيان الختامي للمركزي الذي طالب بالعودة إلى خيار حل الدولتين، في الوقت الذي لم تبقِ حكومات اليمين المتطرف في "إسرائيل" منه شيء.
وينص البيان أيضا رفض مشروع السلام الاقتصادي، بينما على أرض الواقع تعمل السلطة على تعزيزه من خلال حزمة الهدايا الاقتصادية التي قدمها وزير الحرب في حكومة "إسرائيل" بيني غانتس لرئيس السلطة محمود عباس خلال اجتماع الأخير معه داخل منزله قرب (تل أبيب) وشملت تصاريح vip لمسؤولي وكبار السلطة والموافقة على تحويل جزء من أموال المقاصة وغيرها مقابل استمرار الحفاظ على التعاون الأمني.
في النهاية يمكن القول إن جلسة المركزي المنفردة نجحت في تمرير القرارات الأخيرة التي اتخذها عباس منفردا، بالانقضاض على المنظمة وسيطرة أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح على مفاصلها وتحويلها كشركة خاصة وأداة من أدوات السلطة وليس العكس.
أخيرا فإن هذه المسرحية الذي مارست فيها قيادة السلطة حالة من التهريج؛ أفضت إلى شرعنة وتنصيب القيادات الداعمة لنهج التعاون والتنسيق الأمني والمتساوقة مع "السلام الاقتصادي" فيما تبقى باقي القرارات مجرد شعارات ليس إلا.