نظمت جمعية أساتذة الجامعات في فلسطين بالشراكة مع معهد بيت الحكمة، مؤتمر الاقتصاد الوطني ودوره في تعزيز الصمود الفلسطيني، في مدينة غزة.
ولخّص المشاركون في المؤتمر الأزمات المتعددة للاقتصاد الفلسطيني وأبرز آليات الحلول للنهوض بالاقتصاد المحلي.
وأجمع الباحثون المشاركون في أوراق عمل على أن الاحتلال (الإسرائيلي)، وبروتوكول باريس الاقتصادي والانقسام الفلسطيني، أبرز معوقات التنمية في الاقتصاد الفلسطيني.
الجلسة الافتتاحية
وافتتح الدكتور سائد عايش، رئيس جمعية أساتذة الجامعات، المؤتمر، داعياً لضرورة استنهاض قوى المجتمع للنهوض بالاقتصاد الوطني.
وشدد على ضرورة تحمل المسؤولية الوطنية في مجال التنمية الاقتصادية، وهو ما يسهم في حل الكثير من الإشكاليات القائمة.
وأكد عايش أن المؤتمر سيكون تحت اهتمام صناع القرار، ومخرجات البحوث ستكون محل اهتمام ومتابعة، "في وقت يهدف المؤتمر للتعرف على الاقتصاد والرؤى التي تسهم في التعرف على المشاكل الاقتصادية وخصوصا البطالة والفقر".
وطالب بضرورة تفعيل دور مؤسسات القطاع الخاص والتحول نحو الاقتصاد الرقمي وصولا إلى التنمية الاجتماعية وانهاء أزمة إعادة الاعمار في قطاع غزة.
ويأمل عايش أن يسهم المؤتمر في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي في جميع المجالات الاقتصادية، وتبني مشاريع تشغيل الخريجين.
وختم حديثه بأن الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام هما السبيل الأقصر والأهم لتحقيق التنمية الاجتماعية.
وفي كلمة لرئيس اللجنة التحضيرية الدكتور كمال حمدان، أكد أن المؤتمر يأتي لتناول قضية مهمة وهي الاقتصاد الوطني، "لدينا أهداف محددة نأمل أن تتحقق وأن تسهم في تعزيز صمود الفلسطينيين".
وقال حمدان: "نعيش واقعاً اقتصادياً مريراً ونحاول إيجاد حلول جدية ونهائية للوضع القائم، وإن دور الاقتصاد الرقمي وتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي وتطوير المناهج التعليمية والبحوث والدراسات وسياسات القبول الجامعي، أهم هذه الحلول".
أما الأمين العام للوحدة الاقتصادية في جامعة الدول العربية، السفير محمد الني، فأكد على دعم الاقتصاد الفلسطيني وتشجيع الاستثمار، لتحقيق التكامل الاقتصادي الفلسطيني والعربي، وأضاف أن محاور هذا المؤتمر ستساهم بلا شك في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت بين شرائح المجتمع، بما يسهم بإيجاد فرص عمل للجميع.
وأوضح أن جامعة الدول تهدف لخلق سوق أكثر تنافسية في فلسطين، بما يتناسب مع بيئة استثمارية جيدة، "عقدنا حزمة من اللقاءات والمبادرات لدعم الاقتصاد الوطني الخمسين".
في حين، أكد المستشار محمود المدهون في كلمة لمعهد بيت الحكمة، على أهمية المؤتمر في ظل الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع غزة.
وقال المدهون: "لطالما كان بيت الحكمة ملاذاً للباحثين عن الحكمة والتوافق، ونعمل على تحقيق السلم المجتمعي والأهلي في تحقيق أهداف المجتمع الفلسطيني".
وشدد على أن الهدف أن يكون المؤتمر لبنة في طريق التصدي للآثار السلبية للنسيج الاقتصادي والاجتماعي، "ولعل المهم أن نجد آليات قابلة للتطبيق على خلفية الخطط الحكومية".
الجلسة الأولى
وفي الجلسة الأولى التي كانت تحت عنوان "الاقتصاد الرقمي ودوره في تعزيز الصمود"، تحدث الدكتور علي عسلية عن أثر الاقتصاد الرقمي في تطوير أداء الحكومة الفلسطينية للحد من مشكلة البطالة.
وقال عسلية: "الاقتصاد الرقمي لم يعد نشاطا اقتصاديا أو زراعيا أو غيره، بل تعدى كل هذه القطاعات وأصبح نشاطا خدماتيا شاملا".
وأضاف: "بات لزاما على الحكومة أن تحتضن الاقتصاد الرقمي وتوفر له البنية التحتية اللازمة، بعدما أصبح ضرورة ولا يمكن تجاهلها أو العمل دونها".
وتوصلت دراسة الباحث عسلية إلى ضرورة تدريس مواضيع الاقتصاد الرقمي في الجامعات والمدارس والعمل على تطوير البنية التحتية بما يتوافق مع متطلبات الاقتصاد الرقمي.
وتناولت ورقة بحث معنونة: أثر التكنولوجيا المالية في تعزيز النمو في محافظات غزة، قدمها كلٌ من المهندس عدنان الهندي وهند أبو نجيلة.
وفق الباحثين، فإن التغييرات في التكنولوجيا المالية أتاحت فرصا عديدة في القطاع الحكومي والخاص، "والتكنولوجيا المالية عاملا رئيسيا للحد من الاحتيال والسرقة والأموال غير المشروعة".
وأوضحا أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور جيل جديد من شركات التكنولوجيا المالية.
وطالبا بضرورة وجود ثورة لتوظيف التكنولوجيا المالية في أماكنها المطلوبة.
كما تطرق الباحث رشاد وليد أبو مدلله في حديثه عن "بيئة عمل حكومية للعمل عن بعد" وهي البيئة التي توفرها الدولة للعمل عن بعد دون الاضطرار للذهاب إلى أماكن العمل.
وقال أبو مدلله: "نحتاج إلى دور حكومي متكامل من وزارة الخارجية لجلب العمل ووزارة العمل لتشبيك الوظائف ووضع الأشخاص المناسبين في أماكنهم الصحيحة".
وفي ورقة بحثية عن مشاريع العمل عن بعد ودورها في تحقيق التنمية المستدامة والتي تُقدم بها، أوصى الباحثان الدكتور مصعب الشيخ خليل والدكتور محمد بربخ، على ضرورة نشر الوعي لإحداث عملية تنمية مستدامة.
وشددا على ضرورة إيجاد الدعم المادي والتقنيات الجديدة الازمة لإحداث ذلك.
** الجلسة الثانية
وفي الجلسة الثانية للمؤتمر، التي كانت تحت عنوان: "معالجة المعوقات التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني والتخفيف من آثارها"، تحدث الدكتور ماهر الطباع عن أثر الحصار والمعوقات الناجمة عن الاحتلال على اقتصاد غزة، مستعرضا الأرقام الكارثية للاقتصاد الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة.
وقال الطباع إن الانقسام الفلسطينية وفّر بيئة خصبة للأرقام الكارثية، وقطاع غزة بات بيئة كارثية في الاقتصاد.
وأكد على ضرورة إعادة بلورة اتفاقية جديدة بديلة عن اتفاقية باريس الاقتصادية، التي تكبل الاقتصاد الفلسطيني وتزيد تبعيته لاقتصاد الاحتلال.
وفي ورقة بحثية قدمها يحيى أحمد الشامي، عن سبل مواجهة المعوقات الاقتصادية التي تواجهها محافظات غزة بسبب الانقسام، دعا لضرورة زيادة المشاريع التي تحد من البطالة والفقر.
ودعا الحكومة الفلسطينية لضرورة سن قوانين تحث على الاستثمار وتشجيعه على طريقة الشريعة المصرفية، وكذلك فرض قوانين على النظام المصرفي لاستثمار جزء من مصاريفه جبراً داخل فلسطين بمتابعة من الجهات الحكومية المعنية.
كما تحدث الدكتور صلاح عبد العاطي عن التعديلات اللازمة في الأنظمة واللوائح والقوانين لتعزيز النمو الاقتصادي.
وأكد عبد العاطي أن مشكلة الفلسطينيين تتمثل في عدم وجود رؤية شاملة لما يحدث في المجتمع الفلسطيني وخصوصا الرؤية الاقتصادية.
وتطرق للحديث عن المشاكل الاقتصادية وكيفية الخلاص من التبعية للاحتلال، وتعزيز صمود الناس، وآليات العمل السليم للسوق الحر وخارطة طريق.
** الجلسة الثالثة
وتحدثت الجلسة الثالثة للمؤتمر الاقتصادي، عن الاستراتيجية الوطنية الاقتصادية المستقبلية.
وتقدم الدكتور معين رجب، بورقة بحثية عن الصناعات التحويلية الصغيرة ودورها في التخطيط الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وتطرق رجب في كلمته إلى آليات تحويل الصناعات التحويلية إلى تنمية مستدامة ليستفيد منها أكثر المواطنين الذي لا يجدون عملا.
وشدد على ضرورة أن تكون التنمية المستدامة هي الركيزة الأساسية لأي عمل اقتصادي نريد القيام به.
وفي كلمة للدكتور علاء الرفاتي عن آفاق تطوير التخطيط التنموي الاقتصادي والمالي، دعا لضرورة وضع مبادئ للتخطيط الاقتصادي، ووجوب تنفيذ الخطط التي سيتم وضعها.
وأكد الرفاتي أن جميع الخطط الاقتصادية الموضوعة، "لم يُكتب لها التنفيذ لأسباب أو لأخرى".
وسرد أهداف التنمية المتمثلة في تحقيق الاستقرار، ووضع سياسات اقتصادية والمعيقات الموجودة، ومسارات السياسة الاقتصادية.
وركّز على استراتيجيات، أهمها إحلال الواردات والإنتاج من أجل التصدير والجمع بين الاستراتيجيتين.
أما الباحث عيسى المغربي، فتحدث عن آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية مع جمهورية مصر العربية والخارج، فترى دراسته أن التبادل التجاري بين السلطة الفلسطينية والدول الخارجية لم يكن بالمستوى المطلوب.
وأكد أن الحكومات الفلسطينية المتعاقبة فشلت في رسم مصالح اقتصادية وتجارية جيدة مع الدول الأخرى.
وأوصى المغربي بضرورة إيجاد سياسة توسعية في التصدير والاستفادة من التجارب الناجحة في الدول الأخرى، وكذلك إعادة صياغة الاتفاقيات مع دولة الاحتلال.
وختم الجلسة الدكتور خليل أبو جراد وشرين نعيم، بحديثهما عن رؤية مقترحة لتطوير التعليم الجامعي الفلسطيني في مواجهة تحديات سوق العمل الفلسطيني.
وأكد الباحثان على ضرورة أن تكون التنمية البشرية بمثابة منهج يُدرّس في المدارس والجامعات.
ودعا المؤسسات التعليمية لضرورة الانخراط بما يتوافق مع رؤى التنمية الاقتصادية وتطبيق خططها.
وفي نهاية المؤتمر لخّص القائمون عليه أبرز نتائجه ودعوا لضرورة تطبيقها وعرضها على صناع القرار، ومتابعة تنفيذها خلال الفترة المقبلة.