بات في حكم المؤكد أن المعادلة التي ثبَّتتها حركة حماس بخصوص القدس، لا يمكن أن تتزحزح أو تتبدل، وهو ما يدركه جيدا العدو الإسرائيلي، ويأخذه في عين الاعتبار، ويدرجه ضمن حساباته.
المعادلة تتمثل باختصار في أن المقاومة لا يمكن أن تتخلى عن القدس وأهلها وتتركهم فريسة للاحتلال ومستوطنيه، يدنسون المقدسات ويشردون الأهالي في حي الشيخ جراح ويسلبونهم منازلهم وممتلكاتهم، دون رادع.
واليوم تفرض قوات الاحتلال حصارا مشددا في الشيخ جراح، ونشرت عشرات الجنود في محيطه والشوارع الفرعية والرئيسية، فيما تمارس عملية قمع للأهالي والمتضامنين معهم، في محاولة لإخلاء منزل عائلة سالم وتسليمه للمستوطنين.
الكل يتذكر أن الأحداث في الحي المقدسي نفسه، كانت ضمن أسباب اندلاع معركة "سيف القدس" في مايو الماضي، التي كانت نتائجها وخيمة على الكيان، واليوم تتكرر صرخات المقدسيين، وأول من يستنجدون به هي غزة، لثقتهم بها ومعرفتهم جيدا أنها تحمل همَّها وقادرة على قلب الأوضاع رأسا على عقب، فعلا لا قولا، وحقيقة لا أُمنيات.
ما زال سيف القدس مشرعًا، ولم يعد إلى غمده، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ومحاولات التفرد بأهالي القدس، وهو ما اعتبره الناطق باسم حركة حماس المقدسي محمد حمادة "عدوانا سافرا ولعبا بالنار، التي تشتعل من أجلها كل فلسطين نصرة بكل ما تملك".
تهديد حماس للاحتلال على لسان ناطقها عن مدينة القدس الذي حذَّر من "مغبة الاستمرار في هذا التغول، الذي هو بمثابة عبث في صواعق التفجير التي لن تنفجر إلا في وجهه"، يأخذه العدو محمل الجد، ويعي خطورته جيدا.
وبحسب صحيفة معاريف العبرية، فإن الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، تُقدِّر أن الأحداث التي جرت في حي الشيخ جراح بالقدس، قد تؤثر أيضًا على الوضع الأمني مع قطاع غزة، بعدما ساد هدوء كبير في الأشهر الأخيرة.
وتحذر الصحيفة من أن دروس الماضي تشير إلى أن الأحداث بالقدس قد تؤدي إلى تصعيد ربما تدريجي من غزة، مشيرةً إلى أن (إسرائيل) تأخذ تهديدات حماس على محمل الجد وتدرك أنه يجب عليها أيضًا أن تكون مستعدة لمثل هذا الاحتمال.
ويُقر العدو أن حماس عززت موقفها كجهة “مدافعة عن القدس” أثناء معركة سيف القدس، ولذلك لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال تصاعدت المواجهات في الشيخ جراح، وفق ما ورد في الصحيفة ذاتها.
ومما لا شك فيه أن فصائل المقاومة تتوافق مع حركة حماس في موقفها من القدس، وتصريحات ناطقيها وقياداتها، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها لن تترك القدس وحدها ولو كلفها ذلك خوض معركة جديدة.