بعد ثمانية أشهر على الهدوء في الشيخ جراح، تعود المواجهة مرة أخرى إلى السطح، لأن الاحتلال اعتاد لغة الدم ودائما هو من يبدأ إشعال الفتيل.
بالأمس، اعتدت قوات الاحتلال على سيارات المواطنين المقدسيين بالشيخ جراح، ومهدت للدخول لمنزل عائلة سالم إحدى العائلات المهددة بالطرد من منزلها، والتي استلمت أمراً بالإخلاء وجب عليها تنفيذه بعد أيام.
ولم يتوقف الأمر على ورقة إخلاء، بل اقتحمت عصابات المستوطنين وعلى رأسها "تدفيع الثمن" منازل المواطنين وكسرت سياراتهم دون أي مقدمات وهددت المواطنين وكل من يحضر لنجدة عائلة سالم، فاجتمع أهالي الشيخ جراح منتصرين للعائلة، وبدأ أهالي الحي بالتجمهر لحماية بعضهم البعض، فحضرت الشرطة وقمعت الشباب واعتدت على عائلة سالم وعائلة ادكيدك جارتها، بغاز الفلفل، لحماية المستوطنين.
جاء هذا الاقتحام بعد أن أعلن عضو الكنيست الإرهابي ايتمار بن غفير إعادة فتح مكتبه في الحي، ومن لا يعرف هذا المستوطن المتطرف، فهو الذي يحرض على الفلسطينيين في حي الشيخ جراح على الدوام، وهو عضو في حركة "كاخ" الإرهابية، التي نفذت العديد من المذابح بحق الفلسطينيين، أبرزها مذبحة الحرم الإبراهيمي عام ١٩٩٤.
بن غفير، ورغم أنه عضو بارز في الحركة الإرهابية المذكورة، لكن لم تعتقله سلطات الاحتلال، بل هو اليوم أحد أعضاء الكنيست الاسرائيلي، وهو عراب التحريض ضد الفلسطينيين، وقد جاء بالأمس مجدداً لحي الشيخ جراح معلناً أنه سيفتتح مكتباً له هناك، وكأن أهالي الشيخ جراح كانوا ينتظرون الوقت المناسب لتطهير أرضهم، فاندلعت المواجهات وجاء المعتصمون من كل حارة مجاورة للاعتصام هناك.
وحذرت حركة حماس من عواقب عدوان المستوطنين والشرطة الإسرائيلية في الشيخ جراح، في أعقاب طرد عائلة فلسطينية من بيتها ودخول مستوطنين إليها، واستفزازات الفاشي بن غفير، الذي جاء إلى الحي وأعلن عن فتح "مكتب برلماني" فيه.
وجاء ذلك في بيان صادر عن الناطق باسم الحركة عن مدينة القدس المحتلة، محمد حمادة، الذي قال إن ما حدث من هجوم للمستوطنين بقيادة بن غفير هو عدوان سافر واللعب بالنار في القدس، التي تشتعل من أجلها كل فلسطين نصرة بكل ما تملك، على حد قوله.
وحذّر حمادة الاحتلال من "مغبة الاستمرار في هذا التغول، الذي هو بمثابة عبث في صواعق التفجير التي لن تنفجر إلا في وجهه".
الحقوقي المحامي رمزي كتيلات من القدس، أشار إلى تطور الأحداث سريعاً في القدس، قائلاً: "من يعيش في القدس ويدافع عن أهلها وأبطالها المكبلين في المحاكم والسجون، يعرف المعنى الحقيقي للاحتلال، ويفسر جرأة الاحتلال على المقدسيين في ظل هذا الصمت الغريب من العالم".
واعتبر أن هذه السيادة وهمية لأنها تفرض بالقوة على أهالي القدس، في الأقصى وباب العامود والشيخ جراح والبلدة القديمة، وكل الأماكن التي لا زال الحضور العربي فيها قويا، والتي يريد الاحتلال أن يفرض هويته فيها بالإجبار، وهذه سيادة وهمية، على حد قول كتيلات.
هذا الضغط لم يعد يتحمله أهالي القدس، وهو الذي يقود في كل مرة إلى الانفجار، ففي معركة سيف القدس شعر المقدسيون بجمال الدفاع عن الأقصى، وشارك الداخل في هذه المعركة، وها هو الشيخ جراح يثور من جديد ليتصدى، ويترك بصمة قوية في جدار العنصرية الإسرائيلي.