فلسطينيا.. "ويكليكس" تقطع الشك باليقين

غزة- شيماء مرزوق

أثارت الوثائق التي نشرها موقع ويكليكس مؤخراً ضجة عالمية كبيرة واعتبرت عملية التسريب الابرز في التاريخ الحديث, الا ان المتابع للوثائق المنشورة يلاحظ أنها لم تمس بالصميم الإدارة الأمريكية ولا المصالح الاستراتيجية لها كما لم يتم تجريم (إسرائيل) الحليف الاستراتيجي لواشنطن، ولكن هذه الوثائق خلقت حالة من الإرباك والإحراج لدول وحركات سياسية, وكان للشأن الفلسطيني نصيب من الوثائق التي كان أبرزها ما جاء عن أن (إسرائيل) حاولت تنسيق الحرب العدوانية على قطاع غزة 2008-2009 مع مصر ومع رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس".

تأكيد الحقائق

وفي هذا السياق اعتبر هاني حبيب المحلل السياسي ان وثائق ويكليكس لم تكشف عن أمور بالغة الاهمية على المستوى الفلسطيني الداخلي أو على مستوى الصراع الفلسطيني الاسرائيلي, موضحاً أن ما تم الكشف عنه لم يكن صدمة بقدر ما هو تأكيد لحقائق ووقائع يعرفها الكثيرون.

ووافقه المحلل السياسي د. هاني البسوس حيث اكد على ان الوثائق لم تأت بجديد وانما جاءت لتؤكد بعض التخمينات التي كانت لدى البعض, حيث كانت هناك مؤشرات واضحة بأن بعض الدول مثلاً كانت على علم بالحرب التي شنتها (اسرائيل) على غزة, لكن الوثائق جزمت ان مصر والسلطة تحديداً ابلغتا بالحرب وموعدها ولم تقوما بتحذير المواطنين في غزة.

الوثائق التي أكدت أن عددا من القادة السياسيين والعسكريين في (اسرائيل) يعتبرون محمود عباس مفاوضا يملك نوايا حسنة لكنه ضعيف سياسيا. وخلال لقاءات في تشرين الثاني 2009، أصدر المسؤول الرفيع في وزارة الحرب الصهيونية، عاموس غلعاد، حكماً سلبياً حيال حظوظ استمرار محمود عباس سياسيا بعد 2011، مشيراً إلى أن الحكومة ’الإسرائيلية’ لا تملك إطلاقا أي ثقة بفريق التفاوض الفلسطيني.

وهنا أكد حبيب على أن هذه النظرة لعباس سائدة على جميع المستويات السياسية, حيث ان اميركا و(اسرائيل) تعتبران بان ضعفا كبيرا يلم بحركة فتح والسلطة الفلسطينية, ودائما ما كانت تتذرع بهذا الضعف لتتهرب من عملية التسوية بحجة انه لا يوجد شريك حقيقي للسلام.

في حين رأى البسوس ان اميركا تعلم ان السلطة ضعيفة وتبحث عن طرف اقوى منها لتتمكن من تمرير سياساتها, الا ان البديل الوحيد الاقوى حاليا هو حركة حماس التي بدورها ترفض الاملاءات الامريكية والمشاريع الصهيونية, موضحاً انه ليس من السهل على اميركا ان تتحدث مع حماس لذلك هي تحاول تقوية السلطة وتعزيز موقف عباس.

وشدد على ان هذه النقطة لم يأت بجديد، فالسلطة الضعيفة دائماً ما تقبل بكل الاملاءات وترضخ للضغوطات الخارجية وهو ما حدث بالفعل في السنوات الماضية.

ابتزاز سياسي

الوثائق كشفت ايضا أن هيلاري كلينتون أمرت بجمع معلومات عن قادة حركة حماس والسلطة الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، وجمع معلومات عن العلاقة بين الاونروا وحماس.

كما وجهت وزارة الخارجية طلبات إلى سفاراتها بالشرق الاوسط للقيام بما يمكن اعتباره ’تجسساً مضاداً’ ضد كل من جهازي المخابرات والاستخبارات العسكرية الفلسطينية. ويتضمن ذلك الطلب من الدبلوماسيين الأمريكيين جمع معلومات عن قدرات هذين الجهازين في مجالات التشفير وحل الشيفرات والتنصت والتعاطي مع اجهزة الكمبيوتر المعقدة.

وشدد حبيب على انه نتيجة الانقسام الفلسطيني فان اجهزة المخابرات تجهد دائماً بجمع المعلومات عن جميع الاطراف وفي كل الاحيان فهذه هي مهمتها بالدرجة الاولى فالدول لا تتجسس فقط على اعدائها بل على حلفائها ايضاً.

وهنا لفت البسوس إلى أن جمع المعلومات مهم جداً بالنسبة لجميع الدول وخاصة للولايات المتحدة والتي تجمع المعلومات عن كل الاحزاب السياسية والدول المعادية لها والمتحالفة معها, وقال "طلب اميركا جمع معلومات عن قادة السلطة وحماس لا يضعهما في خندق واحد, ولا يعني بان اميركا تساوي بينهما".

وأضاف ان التحري عن السلطة يأتي للضغط عليها وابتزازها سياسياً, بينما جمع المعلومات عن حماس بهدف اعطائها للجانب الاسرائيلي لضرب المقاومة وتعزيز الامن الاسرائيلي ومحاربة الحركة على الصعيد العالمي والمحلي.

نتنياهو خلال لقاء له مع برلمانيين أمريكيين في ايار 2009 عندما كان يتعرض لضغوط شديدة من قبل أوباما لتجميد الاستيطان يقول بأن السلطة الفلسطينية ستقبل بأي اتفاق تصادق عليه أمريكا حتى قبل تجميد الاستيطان مؤقتاً في الضفة الغربية, وفي هذا السياق أوضح حبيب ان هذا الانطباع السائد لدى (اسرائيل) تلاشى بعدما اثبتت السلطة انها لن تقبل باي عرض ورفضت قطعيا استمرار المفاوضات دون تجميد الاستيطان.

وتقبى التخوفات قائمة من احتمال نشر المزيد من الوثائق والتي قد تكشف عن المزيد من خبايا السياسة الدولية.

 

البث المباشر