قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: استراليا ذراع السياسة الأمريكية الخارجية..

بقلم: د. خالد النجار

توجُه استراليا نحو تصنيف حركة حماس ضمن المنظمات الإرهابية هو خيار أمريكي وإسرائيلي وله أبعاد تتعلق بالمصالح الاسترالية لدى إدارة بايدن وكذلك لدى الاحتلال الصهيوني، وهو بالتأكيد يأتي ضمن مسلسل الإجرام الذي تتعرض له القضية الفلسطينية بعد أن استطاعت الولايات المتحدة تمرير صفقة القرن، مستخدمةً الفيتو أمام العالم وأمام العدالة الدولية والقوانين التي تجرم الموقف والانحياز التام للاحتلال على حساب المصالح الفلسطينية.

الانحياز الجديد للحكومة الاسترالية لم يكن وليد اللحظة، ولم يعبر فقط عن تحول الحكومة الاسترالية تجاه القضية الفلسطينية، لأنها تتماهى تمامًا ومنذ سنوات طويلة مع القرارات الأمريكية والإسرائيلية التي تطال صلب وعمق وعدالة القضية الفلسطينية، وهي بطبيعتها حكومة تمثل بُعدًا استراتيجيًا في علاقاتها مع أمريكا ودولة الاحتلال في الكثير من المجالات: السياسية، الاقتصادية، العسكرية.

وقد اتضحت مواقفها الداعمة للرؤية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، حيث تتمتع الولايات المتحدة وأستراليا بعلاقات اقتصادية متينة وقوية. إذ تمثل الولايات المتحدة أكثر من 25 في المئة من جميع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الأسترالي، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 65 بليون دولار سنويا، وسابقًا أشارت وزيرة الدفاع الأسترالية في لقاء مع وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن، إلى أن التحالف القائم بين البلدين بات أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى، ولا يزال يتطور لمواجهة التحديات الاستراتيجية.

كما أشار "اوسن" مجددًا إلى متانة الصداقة الحميمة القائمة منذ قرن من الزمن، كذلك هناك اتفاقات تعاون استراتيجية للحفاظ على الأمن القومي الأمريكي والاسترالي، حيث هناك اتفاقات تتعلق بالأمن الصحي لمواجهة الأمراض والأوبئة المنتشرة حول العالم.

كذلك أشارت الحكومة الإسرائيلية التي كان يترأسها نتانياهو سابقًا إلى عمق العلاقة مع الحكومة الاسترالية، وأن الرئيس الاسترالي يمثل صديقًا حميمًا للإسرائيليين في جنوب المحيط الهادي، وقد أدخلت استراليا نفسها فى الصراع الفلسطيني_ الإسرائيلي، حيث توقفت الحكومة الاسترالية عن استخدام صفة "محتلة" للقدس الشرقية، وكان المدعي العام الاسترالي قد أصدر بيانا أفاد خلاله أن "وصف القدس الشرقية بـ (المحتلة) هو أمر ينطوي على دلالات سيئة، وغير مناسب وغير مفيد"، وقد أشاد نتانياهو بهذا الموقف واعتبره موقفًا جريئًا يخدم مصالح الاحتلال في القدس، وقد تناول الإعلام الصهيوني هذه التصريحات، وتم توظيفها للضغط على الدول التي لم تطبع مع الاحتلال ولديها مصالح مشتركة باستراليا.

ومن بين المواقف الداعمة أيضًا للاحتلال كانت استراليا واحدة من 14 دولة فقط، من بين 194 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، عارضت حصول فلسطين على عضوية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) عام 2011، كما امتنعت عن التصويت عام 2012 حين حصل الفلسطينيون على صفة "دولة مراقب غير عضو" فضلا عن امتناع 40 دولة أخرى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتصويت 138 دولة لصالح القرار، واعتراض 9 دول، كما تضم استراليا جالية يهودية تُقدّ بأكثر من (100) ألف يهودي، أكسبتهم استرالية صفة المواطن الذي يتمتع بكافة الحقوق والامتيازات والتي توفر لهم حياة كريمة.

وبالتالي باتت استراليا تشكل أحد أذرع القوة السياسية للإدارة الأمريكية في جنوب المحيط الهادي الذي يُعتبر من بين الأماكن الذي قد يهدد الأمن القومي الأمريكي.

البث المباشر