قائد الطوفان قائد الطوفان

"ما ترجعي حردانة أو مطلقة".. كلمة السر لحالات العنف بغزة

صورة توضيحية
صورة توضيحية

غزة – مها شهوان

لم تختف جرائم قتل النساء المعنفات في قطاع غزة، رغم الأصوات التي تندد بخطورتها حال استمرارها، ومع ذلك يصل عدد تلك الحالات سنوياً لأكثر من عشر ضحايا غالبيتهن تنتهي حياتهن على يد الزوج "العاطل عن العمل، والمدمن، أو المريض النفسي".

الوصول إلى القتل لا يكون بالصدفة، فيسبقه سنوات طوال من التعذيب الجسدي والنفسي، ورفض الأهل تحت ذريعة "ماعنا بنات تحرد"، تلك الجملة حرفياً سمعتها غالبية الفتيات الغزيات المعنفات.

وتبدو المفارقة في تقبل المجتمع لامرأة معنفة لا مطلقة، مما يطلق العنان للزوج لممارسة أشكال العنف على ضحيته الضعيفة التي لا سند لها.

والمثير للغرابة أن المرأة حين تُقتل على يد زوجها، يخرج ذووها عبر منصات التواصل الاجتماعي وإلى الشوارع يتوعدون الزوج وعائلته بأخذ الثأر، ويبدؤون بسرد الويلات التي كانت تعيشها الضحية، مما يضعهم في خانة الاتهام والتساؤل اًمام الجمهور.

واقعة القتل الأخيرة التي اهتز الغزيون من أجلها راحت ضحيتها سيدة في بداية عقدها الرابع، تلقت شتى أنواع العنف على يد زوجها حتى قتلها، صبرت كثيراً وتحملت الفقر والذل والإهانة من أجل أطفالها وفي النهاية ختم زوجها حياتها بطريقته.

الحالة السابقة قد لا تكون الأخيرة في ظل غياب القوانين الرادعة ووجود العادات والتقاليد البالية وفق مختصين.

وبدورها تقول مريم البرش مدير دائرة حماية الأسرة والطفولة، إنهم يحاولون محاربة العنف ضد المرأة وفق الإمكانيات المتوفرة، موضحة أنهم يصطدمون في الكثير من الحالات بالعادات والتقاليد التي تتمسك بها العائلات.

وتذكر البرش "للرسالة" أنها ومن خلال الاطلاع على حالات العنف التي تقع على المرأة المتزوجة وتصل شكواها لدائرة حماية الأسرة والطفولة، يكون والد الفتاة محذرا إياها بجملة واحدة "اعملي حسابك ممنوع تيجي حردانة أو مطلقة، ضلك في بيت زوجك لو ايش ما صار"، مشيرة إلى أن كثيراً من الأزواج يستغلون ذلك ويتفننون في أشكال العنف كونهم يدركون أنه لا رادع لهم.

وترجع أسباب العنف وفق البرش إلى اختلاف بيئة الزوجين، عدا عن الوضع الاقتصادي للزوج الذي يجعله يصب غضبه على زوجته وأولاده.

وعن جهودهم في محاربة العنف الواقع على المرأة، أشارت إلى أن دائرة حماية الأسرة والطفولة أصدرت دليلا لمحاربة العنف ضد المرأة، وطالبت بتعديل القوانين حتى يأخذ الجاني عقوبته، عدا عن وجود غرفة "الإرشاد الأسرى" في مستشفى الشفاء لاستقبال النساء المعنفات اللواتي يحضرن للفحص وعمل تقرير طبي بما تعرضن له، وعبر الغرفة يتم رفع الشكوى للجهات المختصة وعمل اللازم.

ولفتت البرش إلى وجود دورات تعقد للمخطوبين في دار القضاء الشرعي لتهيئتهم وتوعيتهم قبل الزواج، موضحة أن هناك إقبالاً لا بأس به من الطرفين.

كما تطرقت إلى وجود حملة إعلامية تثقيفية في المساجد بالتعاون مع وزارة الأوقاف للحديث عن العلاقة الزوجية ورفع شعار "لا للعنف الزوجي"، بالإضافة إلى توعية الأهالي ومطالبتهم بمتابعة أبنائهم قبل الزواج حال كان يعانون من مرض نفسي أو إدمان، خاصة وهناك كثير من الأهالي يرفضون الاعتراف بذلك.

ودعت البرش عبر "الرسالة" النساء المعنفات بعدم التردد في اللجوء إلى دائرتها لحل مشاكلهم ودياً أو قانونياً، مطالبة في الوقت ذاته الجهات القانونية بتطبيق القانون على الجاني وألا يطلق سراحه بعد شهور من جريمته.

وطالبت أولياء الدم بعدم إسقاط حق ابنتهم كون ذلك يجعل الجاني يتهاون في أي جريمة يرتكبها، لذا لا بد من أن يكون هناك رادع حقيقي للحد من تلك الجرائم الأسرية.

وختمت البرش قولها: "لا بد للأهالي من احتضان ابنتهم المعنفة من زوجها وعدم توبيخها بل الوقوف بجانبها وأخذ حقها عبر الإصلاح، وفي حال تفاقمت الأمور ليس حرجاً أن تكون مطلقة بدلاً من مقتولة.

 

 

البث المباشر