قائمة الموقع

مقال: مقاومة شعبية على مقياس (ديختر)

2022-02-23T16:32:00+02:00
شادي أبو صبحة
شادي أبو صبحة

الصورة الشهيرة لمنسق جيش الاحتلال مع حسين الشيخ، مندوب عباس والموكل بإدارة ملف التنسيق الأمني؛ ودعوة الشيخ لاجتماع ما سماه "القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية" دون فصائل المقاومة الفلسطينية؛ تتناغم بشكل كبير مع المواقف الصهيونية للقضاء على المقاومة ومنها الموقف الشهير لـ(آفي ديختر) نائب وزير الحرب الصهيوني السابق الذي طالب (إسرائيل) بشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، لتدمير البنية التحتية للمقاومة والقضاء على حركة حماس، وهو ما يفضح مخططات الاحتلال والسلطة من أجل القضاء على أي فعل مقاوم في الضفة وغزة، وإقناع الشارع الفلسطيني بقبوله تحت عنوان المقاومة الشعبية.

حسين الشيخ أو كما يسميه البعض (المعلم)... يصدر توجيهاته بعقد اجتماع لقيادة المقاومة الشعبية، ولا أدري أي قيادة هي إذا غابت عن الاجتماع فصائل المقاومة الكبرى في الساحة الفلسطينية (حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية)، وإذا غابت القيادة الحقيقية للمقاومة في الضفة الغربية مثل كتائب شهداء الأقصى وكتيبة جنين التي سمعنا وشاهدنا بياناتها المنددة والرافضة لمنهج السلطة والتنسيق الأمني واتهامهما لفريقه بالخيانة.

تأتي خطوة الشيخ هذه ضمن خطّة تستهدف القضاء على قوى المقاومة في الضفة الغربية وتهميش الفصائل المعارِضة للسلطة، ومن جهة أخرى منع أيّ فعل مقاوم على الأرض بذريعة أنه يأتي خارج إطار إجماع «القيادة الموحّدة» واستغلال السلطة لهذه الحالة في تمرير بيانات باسم المقاومة الشعبية، ورفع الحرج عنها بالنظر إلى استمرار عمليات التنسيق الأمني واللقاءات بينها وبين الاحتلال؛ وهو بذلك يكرس مشروعها كسلطة حامية للاحتلال لضمان بقائها بعد فشلها وسقوطها المدوي بفعل عجزها عن السيطرة على العمليات الفدائية في الضفة وتدهور مكانتها بفعل التعاون الأمني.

تنطلق السلطة في موقفها من المقاومة من شعارات لا تتناقض في مضمونها مع دورها الوظيفي المتمثل بحماية الاحتلال بل هي لا ترى أن مشروعها يتناقض مع الاحتلال الذي تتعاون معه وتلعب دور الوكيل الحصري لخدمته، ولكنها تهتف بين الحين والآخر بالمقاومة الشعبية وأشكال المقاومة الدبلوماسية والمقاطعة وأدوات هشة تحاول من خلالها إقناع الشارع الفلسطيني بفعل السلطة وخطواتها تجاه الاحتلال وهي تشبه بذلك لعبة (يهود وعرب) التي كنا نلعبها صغارا حين كنا ننقسم لفريقين ونلعب (بحنية) لأننا نعرف تماما -رغم أننا صغار- أنها مجرد لعبة وأننا أبناء عمومة وجيران.

لكن الغريب في الأمر أن السلطة تلعب (يهود وعرب) مع الاحتلال الجاثم على أرضنا ويقتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا صباح مساء ونقابل عنفه بالسلمية الهزيلة، كما تلعب لعبة سياسية نجسة على مكونات الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الحقيقة في سبيل احتواء المشهد المقاوم في الضفة وتحويله لمقاومة ناعمة حفاظا على ماء وجهها أمام شعب في مرحلة تحرر وطني تقتضي مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال.

يعتقد حسين الشيخ أن التعاون مع الاحتلال واحتواء المقاومة يعطيه وسلطته شرعية ومبرراً للبقاء، ولدى هؤلاء قناعة راسخة بأن المقاومة المسلحة تضعف قوتهم وتقوض بنيانهم وتراكم القوة لدى فصائل المقاومة بل وتزيد من الالتفاف الشعبي حولها؛ لذلك يعتبرونها دمارا لمشروعهم مع الاحتلال، لذلك تقوم السلطة بملاحقة كل من يقاوم الاحتلال، ويطلق قادتها بين الحين والآخر شعارات رنانة بعنوان المقاومة الشعبية ووقف التنسيق الأمني والحراك الدبلوماسي لمقاضاة الاحتلال وغيرها من الشعارات الفضفاضة دون أي فعل على الأرض، بل يأتي ذلك كردة فعل أو خضوع للإرادة الشعبية وللحفاظ على السلطة التي تساقطت أوراقها أمام المقاومة الفعلية لفصائل المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس وتزايد التأييد الشعبي لها.

يستخدم أنصار رئيس السلطة مفهوم المقاومة الشعبية دون الحديث عن انتهاكات الاحتلال في الضفة، ودون الإعلان عن فعاليات أو خطط لمواجهته ودون وقف اعتقال المقاومين في الضفة وملاحقتهم، أو حتى الحديث عن دعم نقاط الاشتباك مع العدو في جنين ونابلس وجبل صبيح والشيخ جراح والنقب وغيرها من النقاط الساخنة في مواجهة الاحتلال.

كيف للسلطة أن تعلن عن اجتماع لقيادة المقاومة الشعبية الموحدة وهي تمعن في ملاحقة المقاومين وزجهم في السجون وهي تتفاخر بإحباط العمليات الفدائية ضد الاحتلال؟ وكيف نواجه بطش الاحتلال وعنصريته وجرائمه بمقاومة شعبية ذات طابع سلمي؟ وما الذي سيحققه هذا النوع من المقاومة في ظل تهويد المقدسات وسلب الأراضي وتهجير المواطنين، مقارنة بما سيتحقق في ظل علو كلمة المقاومة المسلحة في غزة؟، عجيب وغريب اعتقاد أنصار التنسيق الأمني بأن الجمهور الفلسطيني يغفل عن تعاملهم مع الاحتلال.

اخبار ذات صلة