للميت 40 يومًا من الحداد على روحه، إلا أن كتائب القسام لم تنتظر تلك المدة حين قررت الرد على مجزرة الحرم الإبراهيمي التي نفذها المجرم غولدشتاين قبل 28 عامًا، فبدأت عمليات الانتقام على يد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
فبعد أسبوعين تقريباً من المجزرة التي نفذها غولدشتاين نشرت "يديعوت" في آذار 1994 النبأ الآتي: "وزعت حماس أمس منشوراً خاصاً في المناطق، تهدد فيه بتنفيذ خمسة أعمال كبيرة انتقاماً للمجزرة في الحرم الإبراهيمي"، المنشور وقعت عليه غرفة عمليات القسام.
نفذ القسام ما وعد به عبر خمس عمليات نوعية، أدت لمقتل وإصابة عشرات (الإسرائيليين)، ليعض الاحتلال ومجرموه الندم على ما فعلوه بحق المصلين في الحرم الإبراهيمي.
عملية العفولة
بتاريخ 6/4/1994، فجَّر الاستشهادي القسامي رائد عبد الله محمد زكارنة (20 عاماً) من قباطية قضاء جنين، سيارته المفخخة داخل محطة باصات العفولة في الأراضي المحتلة عام 48.
أسفرت العملية الاستشهادية عن مقتل (9) صهاينة، وجرح أكثر من (50) آخرين، وكانت تلك العملية هي الأولى ضمن سلسلة عمليات ثأر بطولية رداً على المذبحة.
وفي 7 نيسان 1994، بعد يوم من العملية، نشر تومي لبيد، في مقالة افتتاحية في صحيفة "معاريف": "العمل الدموي في العفولة سيسجل بادئ ذي بدء انتقاماً للقتل في الخليل. القتلى في العفولة هم ضحايا الدكتور باروخ غولدشتاين، بالضبط مثل المسلمين الذين صلوا في مغارة الماكفيلا (الحرم الابراهيمي)".
عملية الخضيرة
وضمن سلسلة عمليات الرد وفي الـ 13 من أبريل لعام 1994 تمكن الاستشهادي القسّامي "عمار صالح ذياب عمارنة" من قرية يعبد بجنين بتفجير حزامه الناسف داخل حافلة صهيونية في بلدة الخضيرة، ما أدى لمقتل (5) صهاينة وجرح نحو (32) آخرين.
كانت العملية من تخطيط المهندس القسامي يحيى عياش "قائد كتائب القسام في الضفة المحتلة"، رداً على مجزرة الحرم الإبراهيمي.
خطف جندي
كما تمكن مجاهدو القسام من أسر الجندي الصهيوني "نحشون مردخاي فاكسمان" عند موقف للجنود الصهاينة داخل الأراضي المحتلة عام 48، ثمّ اصطحبوه إلى منزل أُعِدّ سلفاً في قرية «بير نبالا» قضاء رام الله في الضفة الغربية المحتلة.
كانت العملية من تخطيط المهندس القسامي يحيى عياش من رافات سلفيت، والقسامي سعد العرابيد من غزة، والقسامي صلاح دروزة من نابلس، بالتنسيق مع القائد محمد الضيف في غزة، وكان التخطيط بين العياش المسؤول المباشر والمجموعة المنفذة قد تم في نابلس، بهدف الوصول إلى صفقة لتبادل الأسرى وعلى رأسهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين والانتقام لمجزرة الحرم الإبراهيمي.
عملية ديزنكوف
وضمن عمليات الرد فجَّر الاستشهادي القسامي صالح عبد الرحيم حسن صوّي (نزال) "26" عاماً من قلقيلية نفسه داخل حافلة صهيونية في شارع ديزنكوف في قلب مدينة (تل أبيب) داخل الأراضي المحتلة عام 48م، وأسفر الهجوم عن مقتل (23) صهيونياً وإصابة ما يزيد عن (47) آخرين.
وتعدّ هذه العملية الاستشهادية الثالثة في سلسلة عمليات الثأر البطولية، وهي من أكثر العمليات الاستشهادية قوة وتأثيراً ونجاحاً.
هزَّ الانفجار الضخم مدينة (تل أبيب) وحول الحافلة إلى كومة من الحطام، وأسفر عن خسائر مادية كبيرة في واجهات المحالّ والمنازل المجاورة لمكان الانفجار، إضافة إلى إحداث حالة من الإرباك وسط أركان أجهزة العدو الأمنية، وضجة واسعة في أوساط حكومة "رابين" الذي قطع زيارته لبريطانيا فور سماعه الخبر، فيما قطع وزير الحرب الصهيوني هو الآخر زيارة كان يقوم بها للولايات المتحدة آنذاك.
كما تعد هذه العملية الأخيرة للشهيد المهندس يحيى عياش أثناء إقامته في الضفة قبل توجهه إلى قطاع غزة برفقة الشهيد المهندس سعد الدين العرابيد، وقد نشرت كتائب القسام وصية مصورة للشهيد صالح صوي وهي أول وصية يظهر فيها استشهادي من كتائب القسام بالصوت والصورة.
عملية الطيران
انطلق الاستشهادي أيمن كامل راضي، بتاريخ 25-12-1994م، يحمل حقيبة المتفجرات نحو محطة انتظار الحافلات في القدس المحتلة، حيث المفاجأة حين وجد الاستشهادي نفسه في مكان متأخر من طابور الضباط والجنود المصطفين بانتظار الحافلة.
عند وصول الحافلة، حاول المجاهد الصعود إليها، غير أن كثافة الأعداد التي كانت أمامه حالت دون ذلك.
وبعد أن أغلق السائق الأبواب بعد صعود نحو أربعين من ضباط وجنود سلاح الطيران الصهيوني، لحق المجاهد بالحافلة التي سارت سبعة أو ثمانية أمتار بعيداً عن المحطة، وأشعل الاستشهادي جهاز التفجير ليدوي انفجار شديد أدى لتدمير جزء كبير من الحافلة، ما أسفر عن مقتل وإصابة ثلاثة عشر ضابطاً وجندياً، بحسب اعتراف العدو.