قائمة الموقع

مقال: تركيا نحو هاوية التطبيع مجدداً 

2022-03-11T16:43:00+02:00
بقلم: سليم محسن الشرفا

 

دعونا نتفق أولاً أن التطبيع كله شر، وهو طعنة مسمومة لا يزال شعبنا وقضيتنا يتعرض لها ليل نهار من إخوانه وأشقائه العرب والمسلمين، شعبنا الفلسطيني الذي كان يرى أن هذه الدول هي الحاضنة له ولنضاله وتمسكه بأرضه، وأنها ستكون معه ومع حقوقه ولن تسمح لنفسها أن تضع يدها بيد من تطلخ بالدماء الفلسطينية ولا يزال يرتكب المجازر ويعتدي على المقدسات وينتهك الحرمات.

الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، دول عربية مسلمة تدنست بقرار التطبيع، وعلى الرغم من الرفض الشعبي والجماهيري العربي داخلياً وخارجياً لهذا القرار إلا أن هذه الدول أصرت على قرارها ومضت في تطوير التطبيع وتحويله لعلاقات استراتيجية واتفاقيات سياسية وأمنية واقتصادية، لم يستفد منها سوى الاحتلال وأطماعه في المنطقة العربية والتي لا يُخفيها على الرغم من تقاربه مع هذه الدول وتطبيع العلاقات معها.

إلى تركيا يصل قطار التطبيع، حيث يُستقبل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في أنقرة ويعزف له السلام الوطني الإسرائيلي، ويجتمع مع الرئيس أردوغان الذي أشار إلى ضرورة تطوير العلاقة بين البلدين وإنهاء القطيعة التي استمرت لسنوات، هذا الحدث أعاد للمشهد العلاقات الإسرائيلية التركية التي كانت حميمة وسائدة وقوية قبل وصول أردوغان وحزبه للحكم في تركيا، ولكنها تهاوت تدريجياً بعد اعتداء الاحتلال على سفينة اسطول الحرية " مرمرة" التي انطلقت لكسر الحصار البحري عن غزة واعتدت عليها القوات الإسرائيلية واستشهد على أثرها عدد كبير من المواطنين الأتراك وجرح العشرات. 

وللحديث عن أخر مشاهد التطبيع والتطبيع التركي الاسرائيلي نتحدث في بعض النقاط التي تلخص الموضوع وتوضح بعض الحقائق:

أولاً : إن التطبيع التركي الإسرائيلي هو تطبيع مدان ومرفوض، وهو طعنة جديدة في خاصرة شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا يختلف هذا التطبيع وخطورته عن سابقيه من المشاهد المذلة التي شاهدناها في الإمارات والمغرب والبحرين والسودان.

ثانياً: لا تستغربوا كثيراً من التطبيع التركي الإسرائيلي، ولا تُلبسوا تركيا أكبر من حجمها ومكانتها، فالبعض استغرب من اللقاء لأنه مُحب لتركيا ويرى أنها نصير قوي للشعوب المسلمة المظلومة ولشعبنا الفلسطيني وقضيتنا العادلة التي تعرضت لانتكاسات كبيرة كان آخرها فصل التطبيع العربي الإسرائيلي، والبعض الآخر فرح باللقاء واعتبره فرصة لجلد تركيا ومحاولة تعريتها وإظهارها أنها لا تقل عن غيرها من الدول المُطبعة وأن نموذج الدولة المسلمة " الإخوانية" كما يروج البعض قد غرق في وحل التطبيع، وحقيقة الأمر أن تركيا كغيرها من الدول الإسلامية والعربية، مناصرة لشعبنا وقضيتنا ولكنها ترعى مصالحها وترى للأسف أن لديها مصالح قوية مع كيان الاحتلال ولا بد من العودة للمسار السياسي معه.

فتركيا لها علاقات ممتدة مع الاحتلال الإسرائيلي وبينهم اتفاقيات وسنوات طويلة من العمل المشترك، وما حدث اليوم وسيحدث غداً في علاقتهما ليس جديداً بل هو استكمال لسنوات خلت وعلاقات مضت. 

ثالثاً: إن زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا وتعزيز التطبيع والتعاون بين الجانبين ، ستبقى محل متابعة ومراقبة واختبار، ولا يمكن الحكم على مسار العلاقة وهل سيتغير الموقف التركي من القضية الفلسطينية أو لا، وما شاهدناه بالأمس في تركيا من الخروج للشارع وإنزال الأعلام الإسرائيلية من قبل الشعب التركي، ورفض زيارة الرئيس الإسرائيلي، سيكون بمثابة كابح لأردوغان وحزبه أن لا يذهب بعيداً في التطبيع وأن لا يتراجع عن دعم المظلومين في فلسطين المحتلة.

رابعاً: إن طعنات التطبيع التي نتعرض لها من قبل بعض الدول العربية والإسلامية وتعميق العلاقة بين الكيان الصهيوني وهذه الدول، تتحمل مسئوليتها السلطة الفلسطينية وقيادة المقاطعة في رام الله ،التي تواصل التنسيق الأمني وعقد اللقاءات بين مسؤولين في السلطة وقادة الاحتلال، كان آخرها لقاء وزير خارجية الاحتلال يائير لبيد مع وزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ، فلو عملت هذه السلطة على تعرية الاحتلال وقاطعته ودعت الدول العربية والإسلامية لعدم التعامل معه، لكان الموقف مختلفاً عن ما هو عليه الآن وحقيقة الأمر " إذا كان رب البيت بالتنسيق ضارباً ... فشيمة العرب والمسلمين التطبيع".

اخبار ذات صلة