قائد الطوفان قائد الطوفان

مع اقتراب يوم الأرض..

 كيف صادر الاحتلال سخنين على أجساد الشهداء؟

غزة-رشا فرحات

وكأن تاريخ الاستيطان يعيد نفسه، وبالطريقة ذاتها يفجر كل يوم مأساة تظل محفورة في ذكرى الفلسطيني، تتجدد مع كل عام، فيفتح الجرح من جديد، واليوم أصبح للحدث عمر أطول.

ويحيي الفلسطيني المهجّر ذكرى يوم الأرض في الداخل والخارج، في الضفة وغزة والمخيمات، بينما تزيد المعاناة أكثر وأكثر وتتكرر نكبة يوم الأرض يومياً وسنوياً في القدس والضفة الغربية.

وتعود أحداث يوم الأرض إلى العام 1975، عندما أعلنت مؤسسة الاحتلال برئاسة يتسحاك رابين عن خطة لتهويد الجليل وإقامة عدة مدن يهودية في المنطقة على أرض بملكية المواطنين العرب، وكل ذلك تحت مسمى "مشروع تطوير الجليل" تماما كما تفعل اليوم لمصادرة الأراضي في القدس تحت مسميات مشابهة.

وفي أعقاب قرار المصادرة، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي التي تشكلت عام 1975، برئاسة القس شحادة شحادة مع رؤساء السلطات المحلية العربية؛ لبحث آخر التطورات وسبل التصدي لعملية المصادرة، واتفقوا على إعلان إضراب عام وشامل لمدة يوم واحد في 30 آذار 1976.

بدأت المواجهات في 29 شباط/ فبراير 1976 حينما صادق الاحتلال على مصادرة 21 ألف دونم في الجليل بما فيها أراضي منطقة المل، التي تعود ملكيتها لفلاحين من سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد.

 وكانت في حينه منطقة المل جزءًا من المنطقة العسكرية المغلقة التي أطلق عليها 'منطقة 9'، وكان يمنع دخول المزارعين وأصحاب الأراضي إليها إلا بتصريح من الحاكم العسكري يتم تجديده كل ثلاثة أشهر.

ويعتبر أهالي سخنين أن يوم الثلاثين من آذار كان نقطة تحول في تاريخ القضية الفلسطينية، لأن الأهالي تصدوا لمدافع الاحتلال بصدورهم العارية، يمشون بين الجنود والرصاص يتطاير بين الأرجل، يفتحون صدورهم للموت.

 وكانت المعارك قد تركزت في أرض المل منطقة رقم 9، التي أعلن الاحتلال فيها حظراً للتجوال وقد دفعت أرض المل القسط الأكبر من الثمن.

أول شهداء معركة يوم الأرض كان الصبية خديجة الشواهنة، من سخنين، وخرجت تبحث عن شقيقها، ولم يتوقع والدها أن يطلق الجنود رصاصه على فتاة.

وفي نفس الساعة، وحينما حول الاحتلال المل إلى ساحة للقتل سقط الشهيد الثاني وهو خضر ياسين، الذي ذهب مع رفيقه محاولاً إنقاذ معلمة القرية التي أصيبت بالرصاص، فسقط إلى جانبها شهيداً.

وكسر الشبان حظر التجوال، عقب انتشار نبأ استشهاد خضر خلايلة في مدينة سخنين، وخرج رجا أبو ريا مع عدد من الشبان متحدين أمر الحظر ومتجهين نحو موقع النصب التذكاري اليوم، واستشهد رجا أبو ريا.

انتقلت المواجهات للقرى والأراضي المجاورة فاستشهد إضافة إلى شهداء سخنين الثلاثة، رأفت الزهيري من عين شمس، وحسن طه من كفر كنا.

كما استشهد حسن في المظاهرة الحاشدة التي شهدتها بلدة كفر كنا يوم الثلاثين من آذار. وكان يبلغ حينها 15 عامًا عندما خرج من منزله مع صديقه للمشاركة في المظاهرة. وهناك قتله جنود الاحتلال برصاصة في رأسه.

أما رأفت الزهيري فكان طالباً في كلية الهندسة المعمارية في رام الله، وبحسب ما ترويه والدته، أنه كان في الـ19 من العمر. خرج من بيته في مخيم نور شمس قرب طولكرم متوجهًا لبيت أقاربه دون أن يخبرها شيئًا ثم ركض للمشاركة في مظاهرة يوم الأرض.

 ومنذ ذلك اليوم لقب الأهالي الحي الواقع في أرض المل في مدينة سخنين والشاهد على دماء هؤلاء بالحي الحزين، واليوم يتذكر الفلسطينيون حزنهم للمرة السادسة والأربعين.

البث المباشر