رشا فرحات
ذكرتنا هذه الأيام بالمثل الفلسطيني (خبي فحماتك الكبار لعمك آذار) فبعد أن استعد الكثيرون لاستقبال فصل الربيع عاد الشتاء بأمطاره الغزيرة وبلده القارس ليطل مرة أخرى في آذار الذي يسيمه الفلسطيني شهر الزلازل والأمطار.
ولهذه القصة حكاية شعبية متخيلة تقول إن هناك امرأة عجوزا كانت تسخر من شباط (فبراير) وآذار (مارس) لأن الأمطار تبدأ بالتراجع، فخالفا توقعاتها وانتقما منها، ومن هنا جاءت تسمية آذار (مارس) بـ "شهر الزلازل وأبو الأمطار".
وتعددت الأمثال الشعبية حول شهر آذار الذي يكون بطلها دوما تقلب الأحوال الجوية حيث يقال "آذار أوله سقعة وآخره نار"، ويقال "إن أخصبت وراها آذار" "وان أمحلت وراها آذار".
ومن الأمثال التي تناولت طقس آذار أيضاً: (في آذار بتساوى الليل والنهار)، (هواء آذار بيقلع الأشجار)، (برد آذار بقص المسمار)، (آذار شمس وأمطار وينشف الراعي بلا نار)
ويقول الباحث الفلسطيني حمزة العقرباوي :" سُميت أيام آذار بـ"أيام العجوز" لأنها في جميع قصصها الخرافية تدور حول حكاية عجوز طاعنة في السن، استهانت بمطر شهر شباط وبرده، "ومن برد شباط "، ويقال فيه "بتتلفع العجايز في البساط". وقيل أيضا في تسمية أيام آذار بأيم العجوز لأنها تأتي في عجز الشتاء، وفي اللغة: آخر كل شيء هو عجزه.
وهناك تسمية أخرى وفق العقرباوي، هي تسمية أيام آذار "بالمستقرضات" وقد جاءت لأن شهر شباط استقرض عدة أيامٍ من شهر آذار، ويقول المثل "مِثل شباط بعير وبستعير وبيضل ناقص".
وقولهم، "مستقرضات الروم"، إشارة إلى التقويم الغربي. وقد جاء في المثل: "ما فيه طرش يقوم، ولا مركب يعوم، إلا بعد مستقرضات الروم"، "ما في قيامة بتقوم، إلا بعد مستقرضات الروم"، وقولهم عنها "الأيام الغُبر"، لشدة الغبرة فيها.
إلا أن القسم الأكبر وفق العقرباوي من فصل الشتاء بعد طي أربعين يوما منه، هو في الخمسينية القادمة والتي تتميز بتقلب أجواءها ومفاجآتها، و قد تكون ذات برد غير اعتيادي، وهو ما جاء في الأمثال الشعبية على لسان المربعانية: "إذا ما عجبكم حالي بوديلكم السّعود خوالي"، وهي السعود الأربعة في خمسينية الشتاء.
وقد قال العقرباوي أن الخمسينية تبدأ من 1/شباط حتى 22/آذار، وهي أربعة أقسام كل منها 12 يوما ونصف، ويصفها الأجداد في الثقافة الفلسطينية القديمة بـ "سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الخبايا"، وتمتاز بمطرها وتقلب جوها.