خيَّمَ الحزنُ على بيتِ عائلةِ الشهيد نادر هيثم ريان بفقدانِ ابنهمُ الأصغرِ، الذي لم يُكمِل سبعةَ عشرَ عاماً. صعدَ نادر ريان من مخيم بلاطة إلى السماء، صبيٌ صغيرٌ، لم يكن في حساباتِ عائلته أن يفارقهم في لحظة.
في مخيمِ بلاطة، في المكانِ الذي يحملُ الفلسطينيون فيه أرواحهم على أكفّهِم، جُنَّ جنونُ الاحتلالِ، وفتحَ نيرانَه على الشبابِ الواقفينَ فوقَ أسطحِ منازلهم حينما اقتحمت قواتُ الاحتلالِ المخيمَ.
مديرُ مركزَ الإسعافِ والطوارئِ في الهلالِ الاحمرَ بنابُلس، أحمد جبريل، أفاد بأن ريان استُشهد جراء إصابتهِ برصاصِ قواتِ الاحتلالِ، فيما أُصيب 3 مواطنينَ آخرينَ خلال اقتحامِ مخيمِ بلاطة شرقي نابلس، وُصفتْ جروحُ أحدهمْ بالخطيرةِ.
وقالت وزارة الصحة، إن الشهيدَ ريان كان قد أُصيبَ بعدةِ رصاصاتٍ في الرأسِ والصدرِ والبطنِ واليدِ.
وأوضحتْ أنَّ هناك ٣ إصاباتٍ لا تزالُ داخلَ المستشفى: إصابةٌ خطيرةٌ في الصدرِ بالرصاصِ الحيِّ، وأخرى في القدمِ بالرصاصِ الحي، والثالثةُ إصابةٌ بالوجهِ والرقبةِ نتيجة قنبلةِ صوتٍ.
في منزلِ عائلةِ ريان، كان الفراقُ شديداً على قلوبهم، ورشاتُ الرصاص التي اخترقت رأسَ ابنهم لم تعطهمْ أملاً في شفاءٍ أو حياةٍ، وقد أعياهم وقوعُ الخبرِ على مسامِعِهم فيما أسقطتْ عمتُه رأسها على صدرهِ تودعُه وتقول: "مبروك عليك يا حبيبي، مبروك يا عمري".
أما الأمُّ فوصفتْ ما حدثَ في خمسِ دقائقَ: وصلَ الجيشُ إلى شارع القدس في المخيم، ونادر قال لي خمس دقائق وسأعود، وركض، فصرختُ في ابني الأكبرِ محمد حينما سعمتُ صوتَ إطلاقِ النارِ، "إلحق نادر يا محمد، وقبلَ أن يصلَ محمدٌ سمعنا صوتاً من الشارع، ابن الريان شهيد، ابن الريان شهيد".
من بين دموعها قالت:" كنت أبكي على أمهاتِ الشهداءِ حينما أشاهدهنَّ على التلفاز، لم أكن أتخيلُ أنني سأكونُ واحدةً منهن، وكأنَّ دعواتِ نادر وهو يدور قبل شهر في المنزل قد استجابها الله، فقد كان يردد ويغني عند تشييع كل شهيد في المخيم: "يا أم الشهيد نيالك يا ريت أمي بدالك".
وكأنّ أبناءَ الشهادةِ يعرفونَ أنفسهم، إذ أضافت أمُّ الشهيد نادر: "كان يردد دائمًا كلما مرَّ على حاجزِ حوارة: "احنا أربعة يما، اعطي واحد منا لله وما تزعلي، ادعيلي الله يكتبني شهيد وتصوريني صورة كبيرة وتعليقها قبالك وتضلي تتذكريني".
خيّم الحزنُ على مخيمِ بلاطةَ أثناءَ تشييعِ جثمانِ الشهيد ريان، وانطلقَ موكبُ التشييع من أمام مستشفى رفيديا الحكوميِّ وكان يرددً المشيعون "يا عين ابكي يا عين، على مفارق الوالدين، يا عين ابكي يا عين على مفارق صحابه".
وقد نُقل الجثمانُ إلى منزلِ عائلتِه في شارعِ القدس في قريةِ كفر ليل جنوبَ المخيم، وودعتهُ أمهُ وإخوتُه وداعاً أخيراً قبل أن يُصلى عليه ويُوارى الثرى بمقبرةِ المخيم.
وفي حصيلةٍ جديدةٍ أعلنتها وزارةُ الصحةِ الفلسطينية، الثلاثاء، فقد بلغَ عددُ الشهداءِ في محافظاتِ الضفةِ الغربيةِ منذ مطلعِ العامِ الجاري 20 شهيداً، بينهم أربعةُ أطفال.