يواصل رئيس السلطة محمود عباس سياسته القائمة على التفرد بمفاصل النظام الفلسطيني والهيمنة وإخضاع كافة مؤسسات السلطة تحت ذراعيه؛ في تعدٍ واضحٍ على مؤسسات الدولة.
وضمن إِحكامه القبضة على القضاء الفلسطيني والسيطرة عليه، اتخذ عباس قراراً بقانونٍ جديداً يقضي بإعادة تشكيل المحكمة الإدارية العليا بما يشمل رئيسها وأعضاءها.
وشملت القرارات تشكيل المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار هاني بولص الناطور، وعضوية كلٍ من القضاة: أمجد نبيل لبادة، وكفاح الشولي، وهدى مرعي، ومحمد أبو السندس، ووائل لافي، ورامي حلبية، وجمال الخطيب، وجميل مسالمة، في حين تتشكل المحكمة الإدارية برئاسة المستشار وحيد أبو عياش، وعضوية كلٍ من القضاة: عمار النمورة، وفاطمة النتشة، ونضال العواودة، وياسر صوافطة، وطارق طوقان، وجياد دعبوب، وحكم أبو راس.
كما أصدر عباس، قراراً بتعيين مصطفى أحمد فرحان رئيساً للنيابة الإدارية، وتعيين د. حسن جميل سليم أميناً عاماً للمحكمة الإدارية بدرجة قاضي محكمة إدارية.
وكان مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية اعتبر أن قرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 بشأن المحاكم الإدارية يأتي في ذات مسار قرار بقانون رقم (40) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية، فيما "يتعلق بمسألة تفرد تدخل السلطة التنفيذية في تعيين القضاة، حيث منحت المادة (7) منه، صلاحية تعيين رئيس المحكمة الإدارية وقضاتها، ونائب رئيس المحكمة الإدارية العليا وقضاتها، بقرار من الرئيس بناء على تنسيب من الجمعية العامة للمحاكم الإدارية".
الهيمنة على القضاء
ويؤكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، أن هذا القرار بقانون جزء من استمرار الهيمنة على القضاء وإلغاء استقلال السلطة القضائية.
ويوضح عبد العاطي في حديثه لـ"الرسالة" أن كل القرارات بقانون لا تتوفر فيها صفة الاستعجال أو الاستثنائية في هذا المجال وتغيب عنها معايير التشريع الجيد وتهدف إلى استمرار تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
ويبين أن تداعيات القرار ستطيل من أمد التقاضي ويؤدي لازدواجية السلطات القضائية وبالتالي سيسبب مزيداً من تدهور حالة السلطة القضائية.
بدوره، طالب المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" بإلغاء القرار بقانون بشأن المحاكم الإدارية وتعديله، معتبراً أنه "فاشل في تحقيق غاياته وعاصف بالمراكز القانونية".
وأضاف المركز في بيان صحفي أن "هذا القرار بقانون كرّس هيمنة وتبعية المحاكم الإدارية للرئيس (رئيس السلطة التنفيذية)، ووسّع من صلاحياته المنفردة في تعيين ليس فقط قضاة المحاكم الإدارية ورئيسها ونائبه ورئيس المحكمة الإدارية العليا، بل أضاف صلاحية وسلطة تعيين رئيس النيابة الإدارية للرئيس منفرداً".
وأكد أن القرار بقانون الأصلي يلفت إلى نيّة السلطة التنفيذية تشكيل قضاء إداري منفصل عن القضاء النظامي، دون أن ترفق بالقرار بقانون الذي أصدرته لهذه الغاية أيّة مذكرة تفسيرية أو إيضاحية تبرر الغاية والأسباب والمبررات والمصادر المالية المؤمّنة لموازنة ذلك التشكيل، والكادر البشري المؤهل لإشغال الوظيفة القضائية في المجال الإداري.
وتابع المركز "أمام هذا الغياب كله لجأت السلطة التنفيذية إلى إجراء تعديل شكلي صرف للقرار بقانون الأصلي لتستبدل كلمة القضاء الإداري بكلمة المحاكم الإدارية، مع إبقاء تلك المحاكم بمثابة قضاء إداري منفصل، ويبدو أن الغاية من هذا التعديل هو نيّة السلطة التنفيذية الاستعانة بقضاة من القضاء النظامي لإشغال وظيفة القاضي الإداري، عبر النقل أو الندب ما يناقض الغاية الأساسية المزعومة لإصدار القرار بقانون الأصلي".
واعتبر أن هذا الأمر يثبت أن "القرارات بقانون تستند إلى باعث مصلحي أكثر من استنادها إلى ضرورة قانونية أو احتياج لتطور مؤسسي. الأمر الذي يتناقض بصورة صارخة مع أحكام المادة (43) من القانون الأساسي التي اعتادت السلطة التنفيذية على ترويج الاستناد إليها لتسويق وتبرير إصدار القرارات بقانون".