تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيل والد الشهيد وشقيق الأسير وصاحب تاريخ النضال الكبير الذي خطّ صفحاته بحبر الشرف الشيخ عمر البرغوثي "أبو عاصف" متأثراً بإصابته بفايروس كورونا، لتطوى صفحة من العز والفخار في سجل القضية الفلسطينية.
"الجبل الشامخ" أمضى في سجون الاحتلال أكثر من 30 عاماً، إذ اعتقل عدة مرات. وهو والد الشهيد صالح البرغوثي والأسير عاصم وشقيق الأسير نائل البرغوثي المحكوم بالمؤبد وأقدم أسير في سجون الاحتلال.
وقد حفرت عائلة البرغوثي اسمها بذاكرة الثورة الفلسطينية بكثير من عطائها للوطن، فالشيخ البرغوثي يعرفه الأسرى بالمقاتل العنيد، فهو الثائر الذي يرفع معنويات الجدد منهم ويردد أمامهم شعاره المعروف "المعنوية عالية والمسكوبية واطية"، في إشارة إلى سجن المسكوبية الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة.
أبو عاصف ابن السيدة "فرحة" رحمها الله، التي يصفها كل من عاش معها بصرخة فلسطين أمام أبواب الصليب الأحمر، وكانت دائماً ما تُغنّي لفلسطين وللأسرى وللوطن.
دهر أمضته الحاجة فرحة على أبواب المقرات الأممية، وهي تطالب بالإفراج عن الأسرى، انتقلت لجوار ربها دون أن يقف أولادها أمام قبرها، وقبل ذلك أمام قبر أبيهم.
تأثر كثيراً الشيخ أبو عاصف بوالدته فربى أولاده مع زوجته "سهير" على التضحية والدفاع عن الوطن، فابنه صالح استُشهد في ديسمبر 2018 بعد مطاردة جنود الاحتلال له عدة أيام عقب تنفيذه عملية "عوفر" البطولية، ولديه ابنه "عاصم" الذي يتنقل من سجن لآخر، وصغيره "محمد" الذي اعتُقل آخر مرة برفقته.
واعتُقل الشيخ عمر أول مرة سنة 1978 برفقة شقيقة نائل وهو عميد الأسرى الآن، وابن عمهما فخري، حيث قتل ثلاثتهم أحد المستوطنين، وسرعان ما ألقي القبض عليهم وحكم عليهم بالسجن المؤبد، كان الثلاثة مثلهم مثل أغلب المواطنين الفلسطينيين المحافظين في تلك الأيام من مؤيدي حركة فتح ومناصريها، ومن المتأثرين بالمقاومة المسلحة التي كانت تقودها حركة فتح آنذاك.
أطلق سراح أبو عاصف في صفقة التبادل مع الجبهة الشعبية القيادة العامة عام 1985م، ولعل نوعية الأسرى الذين حرروا في تلك الصفقة مثل الشيخ أحمد ياسين وأبو عاصف ودورهم في الانتفاضة الأولى وما بعدها جعل الصهاينة يندمون على تلك الصفقة، ودفعهم للتشدد في كل الصفقات التالية.
وانخرط "أبو عاصف" في الانتفاضة الأولى مبكرا، كما مثّل الأب الحاني في مراكز التحقيق للأسرى، وقد أحبه الجميع من التنظيمات الفلسطينية كافة، لاهتمامه ومحاولته حل مشكلات المحيطين به، وفق ما أفاد به أسرى محررون، فيما تميز خارج الأسر بعلاقاته المميزة مع جميع أهالي قريته كوبر.
ويعرف عن الشيخ الثائر مواقفه الوطنية، فدوما يقف في الفعاليات المختلفة وقفة رجل وطني لا يتحدث باسم أي فصيل بل من أجل فلسطين وأبنائها، يحث الناس على الالتفاف حول قضيتهم ودرء مشاكلهم الحزبية والتفرغ لمواجهة انتهاكات الاحتلال المستمرة.