لا يمكن الفصل بين تقلبات الطقس والسياسة في شهر آذار، فالتغييرات المتلاحقة تنسحب عليهما، ووتيرة الأحداث تتسارع والعنوان هو الشرق الأوسط.
ومع هبوب رياح آذار، تعصف بالمنطقة تغيرات مفاجئة، والأخطر فيها أن التكتل الجديد في الشرق الأوسط تتزعمه "إسرائيل" ورئيس وزرائها نفتالي بينت الذي فُرشت له السجادة الحمراء لاستقباله كزعيم على رأس القمة التي جمعته مع الرئيس السيسي وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، في شرم الشيخ قبل أيام.
ورغم أن هذه القمة تبحث أوضاع الشرق الأوسط وتداعيات تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة؛ إلا أن ثمة تحول أعقب ما يسمى باتفاقيات "أبراهام" والتطبيع العربي الإسرائيلي يدفع نحو تتويج "إسرائيل" بقيادة تحالف الشرق الأوسط، وانتقالها من دولة احتلال منبوذة في المنطقة إلى زمام القيادة، وهو ما يحمل تداعيات خطيرة وغير مسبوقة على القضية الفلسطينية خاصة، والشرق الأوسط ككل.
ويجري ما سبق في ظل ما يشاع حول اقتراب العودة للاتفاق النووي بين أمريكا وإيران وما يمكن أن تتمخض عنه مفاوضات فيينا من رفع العقوبات الأمريكية الاقتصادية على إيران وإزالة الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإهاب الأمريكية، في محاولة من الأخيرة للتعويض عن النفط الروسي، على وقع الأزمة الأوكرانية.
ويمكن القول إن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يسعى لتسويق نفسه بثوب الزعيم لدول الغرب، على ضوء ترؤسه لثلاث قمم جمعت زعماء حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبي في بولندا لبحث استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، يحاول مجدداً إعادة اللعبة الأمريكية وإبقاء العين الأخرى وصناعة التغيير في ملف الشرق الأوسط.
واستكمالاً لقمة شرم الشيخ، فإن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يقود اجتماعات بوزراء خارجية دول مصر والإمارات والبحرين والمغرب و"إسرائيل" في النقب المحتل، ضمن المساعي الأمريكية لتتويج "إسرائيل" زعيمة المنطقة، أمام التحديات الأمنية والسياسية والمخاطر التي يمكن أن تواجهها دولة الاحتلال.
ونقلت (كان) عن الرئيس السابق للشعبة السياسية والأمنية بوزارة الحرب الإسرائيلية عاموس جلعاد قوله إن القمة المرتقبة هي "دليل آخر على تحالف تم تشكيله في الشرق الأوسط".
ولعل التوصيف الدقيق لما يجري هو ما وصفته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بقولها إن أعداء إيران في الشرق الأوسط يرصّون صفوفهم.
وبمعزلٍ عن الاتفاق الأمريكي الإيراني الذي تعارضه "إسرائيل" وبعض الدول العربية في المنطقة، إلا أن الهروب نحو دولة الاحتلال وتعزيز اتفاقيات التطبيع وضمها كشريك أساسي ضمن الحلف الجديد؛ لن يشكل حماية لتلك الدول؛ لأن من يتغطى في دولة احتلال يبقى "عرياناً".