قائد الطوفان قائد الطوفان

عملية الخضيرة.. الاحتلالُ يدفع ثمن جرائمه في الداخل المحتل

غزة- رشا فرحات 

لطالما عملت منظومةُ الاحتلال على نشرِ السلاحِ والفوضى وترسيخِ الانقسام والفرقةِ بين صفوف فلسطينيي الداخل، بدأت بالطائفية وانتهت بتسجيلِ جرائم القتل ضد مجهول في كل مرة، حتى انتشرت الجريمة. واعتقد الاحتلال أنه بذلك يحصّن نفسه ضد الهبّاتِ العربيةِ المتوقعة من الفلسطينيين.
أرقام القتلى كانت في تزايد خلال العشرة أعوام الماضية. 1236 رجلاً وامرأة من الداخل قُتلوا في الفترة من عام 2000 وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.
 وخلال العام 2016 قُتلت 30 امرأة عربية، أي 42% من مجمل النساء اللاتي قُتلن في ذلك العام في "إسرائيل"، وفي العام الماضي قُتل 76 مواطنًا فلسطينيًا في جرائم قتلٍ مختلفة، بينهم 14 امرأة.
وقد اعترفت ما تسمى لجنة التنسيق التابعةُ لأجهزة أمن الاحتلال قائلةً: "منح السلاح لعناصر بعينِها أو لأبناءِ طائفةٍ ما قد يعود علينا ببعض الفائدة، لكنه سيؤدي إلى التوتر المنشود بين الفئات المختلفة في المجتمع العربي، ويتيح لنا التحكم بهم والسيطرة عليهم". 
وتحدثت تقاريرُ كثيرةٌ عن سلاحٍ مهربٍ بمعاونة شرطة الاحتلال أو سلاحٍ اشتراه فلسطينيون من جنود في جيش الاحتلال، بل إن معظم السلاحِ المنتشرِ مصدرُه الجيش نفسه وبشكل مقصود.
بالأمس انقلب السحرُ على الساحر، بعد أن أقدم شابان من عائلة غبارية من أم الفحم على إطلاق النار تجاه مجموعة من شرطة الاحتلال، ما أدى لمقتل اثنين وإصابة أربعة منهم اثنان في حالة خطيرة بينما استشهد المنفذان.
قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ عملية الخضيرة في جنوب حيفا في الداخل الفلسطيني المحتل، "جرت في قلب "إسرائيل" ولم يروا مثلها منذ مدة طويلة".
الدكتور جمال عمرو المحلل السياسي من القدس يرى أن الاحتلال الآن في حالة هلع كبيرة فقد انقلب السحر على الساحر بالفعل. 
يقول عمرو في حديثه مع الرسالة:" كنا ننتظر هذه اللحظة ونراهن عليها، فالاحتلال يزود الفلسطينيون بالسلاح بل وفتح مخازن سلاحه بشكل سافر على مصرعيها وهناك ذخيرة وبنادق يستولي عليها الفلسطينيين في الداخل بيسر وسهولة، وكانوا يراهنون على بقاء هذه الفرقة لاستمرار الاحتلال".
وتابع " في حالات كثيرة كان الموساد يتدخل ليخرج أي متورط فلسطيني في جريمة قتل، لتعزيز الفوضى والجريمة".
وأضاف عمرو "عقلية الاحتلال ليست دائما على ذلك القدر من الذكاء الذي نعتقده، فهذه العملية الثانية في الداخل المحتل خلال أسبوع، وهذا مؤشر خطير وكنا نقول دائما" سيأتي اليوم الذي يعض فيه الاحتلال على أصابعه".
وشدد على وجود قرابة عشرة ألاف قطعة سلاح في الداخل المحتل لن يستطيع الاحتلال السيطرة عليها، وقد تورطت الشرطة والموساد على حد اعتراف الشرطة نفسها في صفقات انتشار وبيع الأسلحة في الوسط الفلسطيني.
منذ الأمس وخيبة الاحتلال كبيرة أمام رأيه العام، ويقول شهود عيان أن القدس تحولت لثكنة عسكرية بسبب رعب الجنود وحيرتهم، بل في تصرفاتهم خوف واضح خصوصا مع قدوم شهر رمضان على حد تعبير عمرو.
قدري أبو واصل عضو لجنة الدفاع عن الحريات في الداخل المحتل يرى فعلا أن سحر الاحتلال انقلب عليه لأنه هو من ساهم في انتشار السلاح، وكان يعتقد أنه بذلك سيزرع الفوضى في صفوف الفلسطينيين :" متناسيا أننا شعب محتل ورسالتنا الأولى هي مقاومة هذا الاحتلال". 
ويقول أبو واصل "لقد سُرق قبل شهر عدد كبير من الأسلحة من أحد معسكرات جيش الاحتلال ولكن الجيش لم يحقق في ذلك، وقد أصبح موقفه الآن سيء بعد عملية النقب وعملية الخضيرة وكل منهما كانت مفاجأة للاحتلال، لأنها عمليات فردية، وقد بدأ يتراشق أعضاء في الجيش والشرطة والمسؤولين اتهامات وأحكاما بالفشل فيما بينهم".
ويتساءل أبو واصل:" هل كان يظن الاحتلال أنه سيصادر آلاف الأراضي في النقب، ويقتل وينتهك حقوق المصليين في القدس دون أن يكون هناك ردود فعل من قبل الشعب الفلسطيني ؟!"
وفي ذات السياق يتساءل الدكتور عوض عبد الفتاح المحلل السياسي من الناصرة في مكالمة مع الرسالة عن السبب الذي جعل الاحتلال يقتنع أن شعبا يتعرض للعنف والاضطهاد كل يوم من قبل احتلال قائم أصلا على فكرة مصادرة الأرض ومصادرة الحقوق، كيف لهذا الشعب أن يلتزم الصمت أو ألا يقاوم؟! 
ويرى عبد الفتاح أن غباء الاحتلال ظهر جليا في تشجيعه على نشر السلاح بهذه الغزارة، لافتا إلى أن هناك مجموعة من الشباب معروفون بالفوضى والتورط في جرائم قتل لكنهم في هبة آيار المجيدة كما وصفها عبد الفتاح، كانوا أول من أطلق النار اتجاه شرطة الاحتلال، هذا يعني أن الشعب الفلسطيني يتوحد أمام مقاومة الاحتلال، كما حدث في أيار الماضي ونسي خلافاته التي زرعتها "إسرائيل" بينه وتوحد ضد عدوه.

 

البث المباشر