بعد 20 عاماً على السور الواقي.. الرعب في قلب "تل أبيب"

عملية تل أبيب
عملية تل أبيب

الرسالة نت- محمود هنية

ترافقت عملية تل أبيب البطولية التي نفذها الشهيد البطل ضياء حمارشة، مع الذكرى العشرين للمجازر "الإسرائيلية" في الضفة المحتلة عام 2002، التي أطلق عليها رئيس وزراء الاحتلال آنذاك آرائيل شارون ـعملية السور الواقي.

العملية ترافقت مع بدء إنشاء جدار الفصل العنصري الذي كلّف "إسرائيل" قرابة 3.4 مليار دولار، زاعمة أن أهدافاً أمنية محضة تدور خلفه، لتجد ذاتها اليوم أمام رعب تسلل من بين فتحاتها ليصيب معْلم هويتها الدينية ورأس بنيتها الاستيطانية "بني براك" في مقتل!

ثمة أهداف إستراتيجية من وراء بناء الجدار العازل في الأراضي المحتلة؛ إذ يمثل الجدار أحد تجليات السياسات "الإسرائيلية" الاحتلالية الساعية للسيطرة على أكبر مساحة من الأرض وإنهاء الوجود الفلسطيني، وذلك في ذروة العمليات الاستشهادية والهجمات المتنوعة من فصائل المقاومة الفلسطينية التي أدخلت الاحتلال في حالة رعب.

يبلغ طول الجدار في الضفة الغربية المحتلة 770 كيلومتراً، ويصل ارتفاعه لـ8 أمتار، وصادر قرابة 10% من حجم أراضي الضفة المحتلة، وعزل عشرات القرى فيها.

 أين الأمن؟!

تستّر الاحتلال بالستار الأمني ليخبئ خلفه حقيقة ورغبة "الإسرائيليين" في السيطرة على الأرض، السيطرة التي جعلت من وجودها الاستيطاني خاصرة رخوة تحديداً في الضفة المحتلة، لتشعل غضباً فلسطينياً ممتداً لعشرين عاماً، تولّد عنه استهداف لجماعات استيطانية تنشط في الضفة المحتلة.

عملية بني براك، استهدفت وفق المختصين بالشأن الإسرائيلي، أحد أهم مواقع الجماعات الاستيطانية التي نشطت مؤخرًا في الاستيطان بالضفة والقدس المحتلتين، إلى جانب ما تمثله من عنوان للتحريض على اقتحام الأقصى ضمن ما يعرف بجماعات "تدفيع الثمن".

ويقطن "بني براك" متطرفون من طائفة "الحريديم" المتشددة والمنغلقة على نفسها، لكنها نشطت مؤخرًا في تزعم حركة الاستيطان من جهة، ولعبت دورًا بارزًا في تقلب الحكومات "الإسرائيلية" مؤخرًا من جهة ثانية.

يعرّف المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد، هذه الجماعة اليهودية، بأنها جماعة تمنح البعد العقائدي اهتماما أكثر من السياسة، فهي طائفة دينية متزمتة تطالب بفرض الشريعة اليهودية وعلوم التوراة.

ويضيف شداد: "إن تحولًا كبيرًا طرأ على الطائفة في العقد الأخير، وأصبحت ضمن الخريطة الحزبية القريبة من اليمين، ويمثلها أحزاب كـ"يهودات توراة"، التي تمثل اليهود الغربيين، و"شاس" التي تمثل الشرقيين.

وأوضح أن هذه الجماعة انتقلت من رفض التجنيد والمطالبة بحرمة السبت، وتطبيق الشريعة اليهودية، إلى النشاط في الجانب الاستيطاني وقولبة اليمين ودفع الاحتلال تجاه اليمين.

وأشار إلى أن جماعة "الحريديم" تواجدت في الضفة الغربية، في مدينتين استيطانيتين غرب بيت لحم في "بيتار عيليت"، وأخرى في غرب رام الله بـ"مودلين عيليت"، إلى جانب العمل على محاولة إقامة مدينة ثالثة شمال الضفة بجنين، التي خرج منها منفذ العملية الأخيرة الشهيد ضياء حمارشة.

وعزا "شداد" تواجد هذه الجماعات في الضفة، إلى سياسات الاحتلال الرامية لتشجيع الاستيطان ونقل اليهود من الداخل للضفة، عبر سلسلة من التشجيعات الاقتصادية.

 أمن مبعثرّ!

وفي رد مبدئي، يشير خالد منصور إلى قرار "إسرائيلي" بإغلاق الثغرات التي نجح الفلسطينيون في فتحها بالجدار خلال السنوات الماضية؛ للعمل في الداخل المحتل، عقب عملية بيني براك.

وأكد منصور لـ"الرسالة نت" أن هذه الفتحات أغمض الاحتلال عينيه عنها لحاجته للأيدي العاملة الفلسطينية في البناء، وهو يحتاج إليها أكثر من الفلسطينيين أنفسهم للعمل.

وأشار إلى أن هذا القرار لا يسمن ولا يغني من جوع، خاصة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعاني من عجز واضح في توفر المعلومات حول رغبة الشباب في العمليات، كما أنّ تحقيقاتهم لم تشر إلى إدخال المنفذ الأخير لسلاحه من الضفة.

هنا يرى منصور أن هذه القرارات تعبير عن شيء واحد فقط، مفاده "لم تجد (إسرائيل) ضالتها في الأمن بكومة حجارة خبأت خلفها سرقات كبرى من خيرات الوطن، ولم تفلح في جلب الراحة للكيان!".

أكثر من الأمن

لم يكن الدافع الأمني العنوان المشرع في العملية وحده الحاضر في ميدان الجدار، بل تجاوزه للسيطرة والسلب لأبرز مقدرات الضفة تحديدًا المائية والحيوية منها، بحسب الخبير في الشأن الاستيطاني خالد منصور.

يقول منصور لـ"الرسالة نت" إن الجدار استحوذ على المياه الجوفية متمثلة بأكبر خزاناتها سواء الأغوار أو الخزان الغربي الممتد على سلسلة الجبال الغربية في الضفة.

بلغة الأرقام، استحوذ على  قرابة 30 بئراً ارتوازياً في محافظتي قلقيلية وطولكرم بطاقة إنتاجية تصل 3.8 مليون كوب/ سنة، خاصة أن محافظتي قلقيلية وطولكرم تقعان على الحوض المائي الغربي الذي يحوي ما نسبته 52% من حجم المياه في الضفة الغربية، وهذا يعني فقدان الفلسطينيين 18% من حصتهم المائية في هذا الحوض البالغة 22 مليون كوب/ سنويا من أصل 362 مليون كوب حسب اتفاقيات أوسلو، بحسب منصور.

 وعدد الآبار المعزولة من محافظة قلقيلية هي 22 بئراً وطاقتها الإنتاجية (2361000 مليون كوب/ سنويا)، كما تسبب الاحتلال بتدمير أكثر من 35 ألف متر من أنابيب شبكة الري الرئيسة للزراعة، وتجريف10 آلاف دونم زراعي، واقتلاع 83 آلاف شجرة زيتون من الرومي والمعمر وأشجار الحمضيات.

 

البث المباشر