منذ عقود، كانت الزينةُ الرمضانيةُ في البيوت الغزية بسيطةً، تقتصرُ على فانوسٍ صغير ملون يقتنيه الأطفالُ لسنوات، وبعد تناولِ الإفطار يخرجونَ بصحبةِ ذويهم إلى الشوارع يلهون بالألعاب النارية، أو التقليدية، التي تناقلوها منذ زمن وهي إشعال "سلك الجلي" فضي اللون ليدوروا به ضاحكين.
صوت المؤذن لصلاة العشاء والتراويح الذي يتردد صداه في الحارات الشعبية، كان إيذاناً لهم بالتوجه إلى المساجد برفقة ذويهم، وحين يفرغون من صلاتهم يشاركون الكبار في زيارة الأرحام، ثم ينتظرون المسحراتي وبهذا تنتهي أجواؤهم الرمضانية.
في السنوات الأخيرة تبدلت كثير من الطقوس، فالكبار قبل الصغار يتسابقون لصنع البهجة الرمضانية قبل قدوم الشهر الكريم بأسابيع، فتكتسي المحلات بالزينة الرمضانية بمختلف الأشكال والألوان، والفانوس التقليدي الذي وجد منافساً مدعوماً بميزانية يخصصها رب الأسرة للزينة الرمضانية.
اليوم تبدأ ربة البيت باختيار تفاصيل الزينة الرمضانية بدءاً من سفرتها وما عليها من مفارش وأطباق منقوشة مخصصة لرمضان، عدا عن زينة الجدران الداخلية والخارجية بالأحبال المضيئة التي يتدلى منها الهلال والنجوم وعبارات "رمضان كريم".
كما باتت بعض الأسر ميسورة الحال أو ذات الوضع الاقتصادي المتوسط، بتجهيز خيم رمضانية صغيرة لتشجيع أبنائها على الصلاة في غرفة منقوشة بزخارف رمضانية ومضاءة من الداخل وفيها سجادة ومصحف.
أما محلات الهدايا، فتعج بالزوار منذ شهر تقريباً، فالغزيون يتهافتون لشراء زينتهم الرمضانية، فتجد سيدة تحمل في يديها طبقاً على شكل هلال، وأخرى تطلب حبل زينة كانت شاهدته عبر صفحة المحل على فيسبوك.
بينما الصغار يتفقدون الفوانيس، منها الحديثة، وأخرى ظهرت في السنوات الأخيرة وهي على شكل رجل يرتدي عمامة ويحمل في يده صحناً كانت تستخدمه النساء في ضيافة التمور، حتى أن فناجين القهوة باتت متعددة الأشكال والألوان، منها بيضاء منقوشة بعبارة "رمضان كريم" ومزينة بحبال الزينة الرمضانية، وأخرى ذهبية اللون بنقوش. وأياً كان لونها أو شكلها، فإن الجميع يحرص على اقتنائها لأنها تدلل على الشهر الكريم.
ولا تتوقف الزينة الرمضانية داخل البيوت، بل يبحث الغزي عن أي مظاهر تدخل على قلبه البهجة والسرور، حتى باتت المحال التجارية تتجهز لاستقبال الشهر الكريم وترتدي حلتها الرمضانية.
في المولات هناك زوايا تصوير منقوشة بزخارف إسلامية توحي بقرب الشهر الكريم، عدا عن وضع التمور والعصائر ذات النكهة الرمضانية، كلها تجذب الزوار بمختلف أعمارهم لالتقاط الصور.
ومنذ شهر من الآن، تستمر الابتهالات الدينية والأغاني الرمضانية صادحة في شوارع غزة، ما يثير حماس المواطنين لاستقبال هذا الشهر الروحاني لما له من قدسية لديهم.
مظاهر الزينة لاستقبال الشهر الكريم، قد يختلف البعض حولها، لكن مواطنين كثر يهتمون بها لأنها في نظرهم تجلب البهجة والفرح بشهر الرحمة والمغفرة.