توافق اليوم الثامن من نيسان/ أيلول الذكرى العشرين لاستشهاد الصديقين القساميين أشرف أبو الهيجا وعبد الرحيم فرج، بعد أن جمعتهما حياة الجهاد والمقاومة.
*ميلاد أشرف*
يعود جذور آل أبو الهيجا ومنهم عائلة الشهيد القسامي أشرف من بلدة عين حوض التابعة لمدينة حيفا عروس البحر، قبل ان تجتاحها عصابات "الهاغاناة" الصهيونية عام 1948، وتحتلها بالإضافة إلى عشرات المدن الفلسطينية في الساحل الفلسطيني والداخل وتهجر مئات الآلاف من سكانها إلى كافة أنحاء الأرض.
واستقرت العائلة في مخيم جنين للاجئين، ليرى الشهيد أشرف، النور بتاريخ 28/4/1979 وهو أصغر إخوانه الثمانية منهم أربع ذكور ومثلهم من الإناث.
*عمل وكفاح*
عمل المجاهد القسامي بعد انتهائه من دراسته الثانوية من مدرسة السلام في المدينة، ببعض الأعمال التجارية وتوزيع المواد الغذائية، وقد كانت جميع أرباحه المالية تصب في جيب والده ليساعده في مصروف البيت، إلا أن والده كان ينمّيها له من أجل مساعدته في الزواج.
أما أشرف فقد رفض رفضًا قاطعًا أية فكرة للزواج لأنه قد رسم طريقه في هذه الحياة، ونذر نفسه للجهاد ومقاومة الاحتلال، لذلك أخذ جزءًا من مدخراته وقام بشراء قطعة من سلاح نوع ام 16 ليشارك إخوانه في الدفاع عن المخيم.
*مجاهد قسامي*
وشارك الشهيد أشرف في معظم حملات الدفاع عن المخيم، مستغلًا مع رفاقه في الكتائب فترات الهدوء العسكري في المدينة، بالتقدم إلى خطوط متقدمة على الشوارع الالتفافية والاشتباك مع قوات الاحتلال.
وبعد نهاية اجتياح سابق للمخيم عاد الشهيد أشرف إلى منزله غاضبًا، فلما سئل عن سبب غضبه قال: “هل تراني غير صادق في طلبي للشهادة ليحرمني الله منها..!”، إلا أن رفاقه من المجاهدين أفهموه أن للمجاهد حسنيين إما النصر وإما الشهادة.
وكان من أبرز أصدقائه قائد كتائب القسام في شمال الضفة قيس عدوان، وكذلك قائد سرايا القدس في شمال الضفة محمود طوالبة، وأقربه له صديقه ورفيق دربه في الجهاد والاستشهاد عبد الرحيم فرج.
*ميلاد عبد الرحيم*
ولد الشهيد القسامي عبد الرحيم أحمد حسين فرج في مخيم جنين بتاريخ 15101976م، في أحضان عائلة فلسطينية قروية متدينة هجروا من أرضهم عام 1948م.
وتلقي الشهيد عبد الرحيم تعليمه الأساسي والإعدادي في مدرسة وكالة الغوث في مخيم جنين، وأكمل بعدها الدراسة الثانوية في مدرسة السلام الثانوية في مدينة جنين حيث حصل الشهيد على شهادة الثانوية العامة في الفرع الأدبي.
*اعتقال وجهاد*
اعتقل الشهيد عبد الرحيم مرتين في الانتفاضة الأولى، كانت المرة الأولى عام 1988م لمدة 4 شهور بتهمة إلقاء الحجارة والمشاركة في فعاليات الانتفاضة، أما المرة الثانية اعتقل لمدة 45 يومًا قبع خلالها في التحقيق بتهمة العضوية في حركة فتح، خرج بعدها من السجن بنشاط وروح معنوية أكبر.
وفي مساء الثلاثاء الموافق 2/4/2002م، كان شهيدنا على موعد مع معركة مع الاحتلال، حيث بدأ جيش الاحتلال بحصار مخيم ومدينة جنين من جميع المداخل، في هذه الأثناء كان الشهيد البطل عبد الرحيم فرج مع رفاقه يعدون العدة ويوزعون المجموعات والمقاتلين حول مداخل المخيم الأربعة.
وعن لحظات قبل استشهاده تقول والدته: “جاء عبد الرحيم في يوم الأربعاء 3/4 للبيت وقد كان مستعجلًا جدًا، قام بتقبيل يدي ويد والده وودع أخوته وأخواته البنات وأوصاهم بالعبادات والتركيز على الصلاة، ثم قال لي: أدع الله لي أن أنول الشهادة في سبيل الله، بعدها غادر المنزل حيث كان يحمل سلاح من نوع ( أم 16) كانت له”.
ومع بدء المعركة التحق الشهيد البطل بمجموعة الشهيد القسامي محمود الحلوة والتي كانت متمركزة في حارة الحواشين، ونصبت المجموعة كمينًا محكمًا لعدد من الجنود في أحد البيوت، قتل خلال هذا الكمين أكثر من 13 جنديًا جبان، لينتقل بعدها الشهيد عبد الرحيم للعمل مع مجموعة الشهيد القائد محمود الطوالبة، رفيق درب الشهيد.
*استشهاد أشرف*
وفي يوم الاثنين الموافق 8/4/2002 أثناء قيام فرقة الشهيد المكونة من ثلاثة عشر مجاهدًا بالدورية في المخيم، سمع إحدى النساء وهي تصرخ تريد المساعدة، بعد أن قطعت رجلها، فتقدم منها أشرف وقدم لها كل ما أرادت إلى أن أوصلها إلى المنازل للمعالجة.
أما أشرف الذي أشعل صراخ المرأة في قلبه حقدًا على الاحتلال، صرخ في إخوانه طالبًا منهم النزول كاستشهاديين على تجمعات جيش الاحتلال.
وتقدم إلى مسافات لم تتعدى الأمتار وجرى بينه وبين الجيش مجموعة من الاشتباكات قتل فيها من صفوفهم مجموعة من الجنود، قبل أن يتحين أحد القناصة الفرصة ليصوب سلاحه على رأس الشهيد القسامي أشرف لتخترقه رصاصة القناص وتصعد روحه إلى بارئها فرحة بما انتظرت، ويكون أول شهداء مجموعته، لينقله رفاقه وعلى رأسهم صديق عمره الشهيد عبد الرحيم فرج الذي قتل الجندي القناص الذي قتل أشرف.
*استشهاد عبد الرحيم*
ويلحق عبد الرحيم بزميله أشرف بعد استشهاد بثلاث ساعات، بعد أن قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي المنزل الذي كان فيه أشرف وبعض إخوانه.
وهنا يقول أحد شهود العيان “أحد المقاتلين” والذي يروي قصة استشهاد عبد الرحيم: “قاتل عبد الرحيم لجانب الشهداء محمود الطوالبة وأشرف أبو الهيجا وشادي النوباني، وفي أخر أيام المعركة وبالتحديد في يوم اشتد القتال في منطقة، حوصر هؤلاء الأبطال في أحد المنازل في تلك المنطقة، قامت خلالها الطائرات الصهيونية بقصف المنزل بعدد كبير من القنابل الحارقة والصواريخ مما أدى لاستشهاد كل من محمود الطوالبة وعبد الرحيم فرج وشادي النوباني”.