مع نهاية العام الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال الطفلة نفوذ حماد، التي لم تكمل الأربعة عشر عاماً، بدعوى محاولة الطعن في الشيخ جراح. في الحقيقة فإن كل فلسطيني، طفلاً كان أم بالغاً، معرض للأسر في الشيخ جراح.
لم تكن نفوذ وحدها في نهار يوم الثامن من ديسمبر، إذ كانت برفقة إسراء غتيت صديقتها في (مدرسة بنات الروضة الحديثة) التي اقتحمتها قوات الاحتلال، وأوقفت كل الطالبات والمعلمات وبدأت بتفتيشهن تفتيشاً دقيقاً.
حينما وصل دور نفوذ للتفتيش وإلى جانبها رفيقتها. سألوها عن اسمها، ولكن فجأة اعتقلوها وصديقتها إسراء ورفضوا وجود معلمة معهما، وعندما طلبت منهم نفوذ أن ترافقها أختها التي تدرس معها في نفس المدرسة كان ردهم الرفض أيضاً.
اقتاد جنود الاحتلال الطفلتين إلى إحدى زوايا المدرسة مقيدتي اليدين ومحاطتين بخمسة جنود وانكبوا عليهما بالشتم والركل والإهانة، دون أن تعرفا السبب.
تقول نفوذ "استجوبني 6 أو 7 محققين، وأحدهم كان يصرخ بوجهي ويشتمني بألفاظ نابية، وهناك محقق آخر ضربني على وجهي بعنف ومن شدة اللكمة اصطدم رأسي بالحائط، كما ركلني في خاصرتي وشد شعري".
هذا ما قالته نفوذ لمحاميها في لقائها الأول به، قبل جلسة محاكمتها الأولى، قبل أن تبدأ الطفلتان رحلة استجواب وتعذيب لعشرة أيام متواصلة في مركز المسكوبية، بين النوم واليقظة، في معاملة لا يوجد فيها أي معايير للإنسانية، حتى دون أن تبدل الطفلتان الزي المدرسي.
وفي سجن "معبار الشارون" كانت هناك مرحلة أخرى من العذاب، إذ زجهما السجان بعد الاعتقال مباشرة في قسم يحاذي قسم السجناء الجنائيين، ليتعرضا لتحرش لفظي فضلاً عن الصراخ والشتم بألفاظ نابية، كما أن إدارة السجن تتعمد التغاضي عن دخول المسجونين الجنائيين إلى غرف الأسيرات، وانتهاك خصوصيتهن.
وقد تحدثت الطفلة عن تلك الظروف كثيراً، وعن تلك النافذة المفتوحة في عز البرد بشكل دائم وعن رفض السجانين إحضار الطعام لها ولرفيقتها لأيام، وعدم استبدال الماء الذي أصبح كالثلج من شدة البرودة، كما أن الغطاء الذي توفره إدارة السجن خفيف، والفرشة جلدية ولا يوجد وسائد، ورائحة الأغطية والوسائد كريهة، والزنزانة قذرة جداً ويوجد على جدرانها صراصير وحشرات".
تعرضت نفوذ في تلك الزنازين للضرب أثناء التحقيق وبعده، إذ كانت تدخل السجانة الغرفة وتبدأ بضربها وتشتمها دون سبب يذكر، وقد نُقلت في كثير من المرات للحبس الانفرادي لأكثر من خمس ساعات متواصلة، شكلت رعباً لطفلة في مثل عمرها.
وتقبع الطفلة الأسيرة نفوذ حمّاد في سجن الدامون اليوم وحيدة، بعد أن خرجت صديقتها بكفالة مالية بعد نحو أسبوعين من التحقيق شديد القسوة.
ويعامل الاحتلال أطفال القدس معاملة أكثر عنصرية فيتعرضون للاعتقال يومياً لدى اقتحام بيوت ذويهم في الأحياء المهددة كحي الشيخ جراح، دون توجيه تهمة واضحة، واحتجازهم دون محاكمة ضمن سياسة ممنهجة تريد أن تعكر صفو حياة الطفولة المقدسية.
وفي تقرير لنادي الأسير أطلقه مع نهاية العام الماضي، أوضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 1149 قاصراً وطفلاً (من الإناث والذكور) منذ بداية عام 2021 وحتى نهايته.
كما يقبع 160 قاصراً في سجون الاحتلال، موزعين على سجون "عوفر" و"الدامون" و"مجدو".