قائمة الموقع

مقال: رشقة دبلوماسية 

2022-04-16T10:10:00+03:00
بقلم: عمار خليل قديح 

بينما كانت أعناق الجميع تشرئب محدقة في سماء فلسطين، تترقب رد المقاومة في قطاع غزة على الأحداث الساخنة في الضفة والقدس، خاصة في باحات المسجد الأقصى ومحيطه، وقد عادت بهم الذاكرة إلى بداية معركة "سيف القدس" العام المنصرم، حين جاء الرد على محاولة المستوطنين اقتحام الأقصى بأعداد ضخمة واعتداء قوات العدو على الحرائر والمرابطات، برشقات صاروخية نحو القدس. 

جاء الرد والردع هذه المرة بشكل مختلف تمامًا، تمثَّل بسيل من الاتصالات انهمر على قيادة حركة حماس من قبل وساطات عربية ودولية، تستجدي احتواء الأوضاع المتفجرة، خشية سلِّ سيف المقاومة من غمده، بعد التهديدات التي أطلقتها. 
 
في المقابل، نشطت الدبلوماسية الحمساوية بشكل لافت، وهو ما عبَّرت عنه اتصالات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد إسماعيل هنية، بقادة ومسؤولين عرب ومسلمين ودوليين، لوضعهم في صورة التطورات وحثِّهم على التحرك بمواقف جادة نصرة للقدس والأقصى ولجم العدوان الصهيوني. 

موقف الحركة كان واضحا للجميع، وعبر عنه رئيسها القائد إسماعيل هنية في اتصال تلقاه من المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، محددًا 4 نقاط أساسية، لردع لاحتلال بشأن ما يجري في المسجد الأقصى.

أولى هذه النقاط حسب البيان الذي نشره مكتب هنية “السماح للمصلين والمعتكفين بالوصول إلى المسجد الأقصى بحرية تامة وعدم الاعتداء عليهم داخل المسجد، والنقطة الثانية الإفراج عن المعتقلين الذين تم اعتقالهم بالأقصى، بينما كان الشرط الثالث ضرورة وضع حد نهائي لقصة القرابين، ورابعًا التأكيد على ضرورة وقف عمليات القتل والاغتيال في جنين ومخيمها ومختلف أنحاء الضفة.

ولا يمكن فهم هذا الحراك الدبلوماسي المثير إلا في سياق التأكيد من جديد على أن حركة حماس فاعل دولي مؤثر، وصاحبة قرار السلم والحرب، حيث استطاعت إحداث حالة من الردع للاحتلال واستنفرت كل داعميه في المنطقة، بما تملكه من قوة حقيقية رادعة. 
 
تتزامن هذه التطورات وتتقاطع تلك المؤشرات مع المطالبات المتزايدة في الشارع الفلسطيني على المستوى الشعبي والنخبوي، بضرورة تشكيل جبهة وطنية لإنقاذ منظمة التحرير المختطفة داخل أسوار المقاطعة في رام الله، ويمسك بطوقها محمود عباس وفريقه المتنفذ في السلطة وحركة فتح. 

ولطالما تحدث المحللون والسياسيون والمراقبون حول الشرعيات الفلسطينية، والجدل المزمن عن الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، في ظل حالة التغييب القسري لمنظمة التحرير، وتفرد سلطة عباس بالقرارات المصيرية لشعبنا، جاءت الاتصالات الأخيرة على قيادة حماس، لتمثل اعترافًا صريحًا وتأكيدًا جديدًا على أنها لا تقود خط المقاومة فقط، إنما أيضا باتت مؤهلة لقيادة المشروع الوطني الفلسطيني. 
 
وبذلك رسَّخت حركة حماس مكانتها بين أبناء شعبنا، حين تصدَّرت للدفاع عنه بالقوة والتضحيات الجسيمة التي قدمتها ومازالت، بالتزامن مع تثبيت مكانتها عربيًا ودوليًا كعنوان للشعب الفلسطيني ونضاله ومقاومته. 

ولستم بحاجة للتأكيد، فأنتم ترون بأعينكم، أن العالم لا يتعامل ولا يحترم إلا الأقوياء، ولأن حماس تملك القوة العسكرية والأمنية والشعبية والسياسية والدبلوماسية، باتت محل احترام الجميع، في مقابل أُفُول فريق المفاوضات الهزيلة والتنسيق الأمني المتواطئ مع الاحتلال، الذي بات منكفئًا على نفسه، منبوذاً شعبيًا، وغير ذي قيمة أو أهمية دوليًا، وهذا ليس كلامي فقط، بل تعززه استطلاعات الرأي والواقع الذي نعيشه. 
 
المطلوب الآن مزيد من الالتفاف حول قيادة حركة حماس والمقاومة، باعتبارها الأقدر على حماية المقدسات وردع العدو والتصدي لجرائمه بحق شعبنا في كل مكان، ومطلوب أيضا من فصائل المقاومة تسريع خطواتها نحو تمثيل الشعب الفلسطيني أمام العالم، ونزع الشرعية عن خاطفي منظمة التحرير.

اخبار ذات صلة