سيأتي العيد بعد أيام، ولا زالت تجربة الأسر التي تخوضها المرأة الفلسطينية هي الأكثر ألماً، فعدد الأسيرات يزداد داخل المعتقلات، ويزداد معه رقم الأمهات اللواتي حرمهن الاحتلال من أطفالهن، وتلك الفتيات القاصرات اللواتي حرمهن من أمهاتهن، فالاحتلال يعتقل الأمهات والقاصرات ولا يستثني أحداً.
تجرب الأسيرة، مهما كان سنها، غرف التحقيق المثلجة شتاء، شديدة الحرارة صيفاً، حتى أمهات الشهداء لَسْنَ استثناءً.
في الحقيقة لا تختلف الأشكال والأساليب التي يتبعها الاحتلال أثناء التحقيق مع المرأة عن تلك الأساليب التي يتبعها أثناء التحقيق مع الرجل، فإن كان جنس المعتقل مختلفاً، لكن الاحتلال واحد. عدو لا يفرق بين امرأة ورجل، طفلة أو أم.
كما يتجاهل المحقق أوضاع الأسيرات الصحية الجسدية والنفسية، وربما كانت الأسيرة إسراء جعابيص، التي تناشد منذ سبعة أعوام للحصول على حقها في العلاج، هي أكبر دليل على سادية الاحتلال في تعامله مع المرأة الفلسطينية.
تُعتقل المرأة الفلسطينية لأن ابنها شهيد، كما تعتقل حينما يُعتقل زوجها، وتعتقل بعدما يُهدم بيتها، وتُعتقل للتحقيق معها لنزع اعترافات يعتقد الاحتلال أنها على دراية بها، وتُعتقل وهي طفلة ذاهبة إلى المدرسة، كما اعتُقلت الطفلة نفوذ حماد العام الماضي من داخل الصف ولا زالت قيد الاعتقال.
في دراسة أعدها الباحث في قضايا الأسرى، عبد الناصر فروانة، يقول: "إنه خلال الأعوام الأخيرة، تفاقمت معاناة المرأة الفلسطينية وتصاعدت الانتهاكات بحقها بفعل الاعتقال وما يصاحبه، وعلى مدار العام المنصرم 2021، تم رصد اعتقال نحو 184 فلسطينية، غالبيتهن العظمى من القدس، بزيادة نسبتها 44% عمّا سُجّل في العام الذي سبقه.
ويضيف: "بلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات اللواتي ما زلن في سجون الاحتلال مع نهاية العام المنصرم 34 أسيرة، يقبعن في سجن الدامون، بينهن قاصر تدعى نفوذ حماد (15 عاماً)، و11 أماً يعشن أحوالاً نفسية صعبة نتيجة القلق والتفكير المستمر في أحوال أبنائهن وكيفية سير حياتهم من دون أمهاتهم، والأكثر قسوة حال الأسيرة التي يكون زوجها أسيراً في سجن آخر، ويعيش أطفالهما من دون رعاية الأبوين".
وتفيد المعلومات – حسب فروانة- أن 19 أسيرة من مجموع الأسيرات الفلسطينيات هن من الضفة الغربية، و11 أسيرة من القدس، و4 أسيرات من المناطق المحتلة سنة 1948، أقدمهن الأسيرة ميسون الجبالي المعتقلة منذ 29 حزيران/ يونيو 2015.
ويقول فروانة: "صعّدت سلطات الاحتلال استهدافها للإناث على مدار الفترة الماضية، ووسعت دائرة الاعتقال وارتفع عدد المعتقلات، وأصدرت بحق بعضهن أحكاماً قاسية، وفرضت على أغلبيتهن غرامات مالية باهظة، وأخضعت عدداً منهن للاعتقال الإداري والحبس المنزلي.
ويرى فروانة أن هذا التصعيد كان انتقاماً منهن وعقاباً جماعياً لهن، وتستهدف من خلاله سلطات السجون استرجاع هيبتها وترميم صورتها المهزومة عقب عملية نجاح ستة أسرى فلسطينيين في انتزاع الحرية عبر نفق سجن جلبوع (الإسرائيلي).