بدأت الحكاية من عند الشيخ المغربي بو مدين شعيب بن الحسين التلمساني والمعروف باسم سيدي بومدين أو أبو مدين التلمساني ويلقب بـ"شيخ الشيوخ" ولقبه ابن عربي بـ"معلم المعلمين": فقيه ومتصوف وشاعر أندلسي.
وحكايته صاغها حينما قرر دخول الحرب في جيش صلاح الدين الأيوبي وخوض معركة حطين قادما من المغرب، ثم بعد فتح بيت المقدس أذهله جمال المدينة فقرر العيش فيها، وأرسل إلى أفراد كثر من عائلته وحببهم في الرباط في بيت المقدس، فبدأت هناك عائلة بو مدين تتحول إلى حارة كبيرة اسمها حارة بو مدين، ثم سميت بحارة المغاربة.
ويقول الباحث الشيخ مازن أهرام في مقال له: "وقد كرمه صلاح الدين بوقفية امتدت من باب المغاربة حتى باب السلسلة، ووقف عليها مزارع وبيوت وأملاك عديدة خاصة في عين كارم. ولا زالت صورة الوقفية محفوظة في سجلات المحكمة الشرعية في بيت المقدس.
جاء في وثيقة الوقف: (أوقفها بأموالها ومياهها وآبارها وسواقيها وسهلها ووعرها ومبانيها وقفا لله يصرف للسابلة من المغاربة المارين والمنقطعين للعلم والجهاد المرابطين على وصية صلاح الدين الأيوبي"
هذه الحارة سميت منذ ذلك الوقت بحارة المغاربة وكان يضم بالإضافة إلى المنازل عددا من المرافق الأخرى أهمها المدرسة الأفضلية التي بناها الملك الأفضل و سميت باسمه.
حدود وقفية سيدي بومدين أو وقف المغاربة تبدأ بباب المغاربة حتي باب السلسلة وهي الأبواب الرئيسية للحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك وهو حائط البراق، ومساحة تقدر بخمس واربعين ألف متر.
تفرق سكان حارة المغاربة في أحياء القدس المختلفة ومنهم من نزح إلى المملكة الأردنية وما زال يعيش فيها حتى يومنا هذا.
وبالطبع بدأ الاحتلال يمارس لعبته في طمس معالم المدينة القديمة وتغيير جغرافيتها ، فشرع في بناء مشروع "بيت الجوهر" التهويدي في ساحة البراق على بعد أقل من مئتي متر من المسجد الأقصى، وذلك بعد نحو نصف قرن من تحويلها إلى ساحة يؤدي فيها اليهود طقوسا دينية عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى، ولأجل ذلك صادر كثيرا من البيوت القديمة التي تعود ملكيتها لعائلات فلسطينية تداخلوا بالنسب مع العائلات المغربية ولا زالوا يحافظون على الوقف حتى اليوم، فطرد الاحتلال منهم من طرد وصادر كثيرا من أجزاء الوقف ، أهمها حائط البراق .