في جنين يمكن للحجر أن يكون قاتلا، بل يمكنه أيضا أن يتكلم إذا لزم الأمر، ويسأل سيارات المحتل، من أدخلكم إلى جنين، منطقة محرمة عليكم.
اليوم تكلمت الحجارة من جديد وقوة الحجر والمقلاع و" النقيفة" وكلها أدوات بدائية تعتمد على الحجارة ظلت باقية وثابتة رغم تطور وسائل المقاومة، تغيب ثم تعود قوية إلى الواجهة حينما كانت ترسم لوحة المقاومة في الانتفاضة الأولى حتى أصبحنا" أطفال الحجارة".
اليوم مع انتشار التنسيق الأمني وسيطرته على كل شبر في الضفة أصبح من المستحيل أن ترى قطعة سلاح في بيت هنا أو هناك، لتقاوم بشكل أو بآخر، فتعود الحجارة لظهور قوي تضرب فتقتل إذا كانت يد صاحبها عفية، واليد صاحبة الحق دوما عفية.
أعلن الاحتلال اليوم عن مقتل جندي بعد إلقاء حجر على رأسه خلال تنفيذ عمليات اعتقال الليلة في قرية يعبد شمال غرب جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجندي القتيل هو "عمييت بن ييجال" ويبلغ من العمر 21 عاماً، من مستوطنة رمات جان في الداخل المحل، وهو أحد جنود الوحدة الخاصة التابعة للواء جولاني (سييرت جولاني).
ولأننا لا نستهين بالحجر، فقد كان سببا في توجه (إسرائيل) نحو ما اسمته عملية سلام لتوقف انتفاضة الحجارة بعد عشر سنوات من المقاومة بالحجر، حتى أنها أقرت بأن هذا السلاح الذي يراه العالم بسيطا دفعها إلى المصادقة في عام 2015 بقراءة أولى وثانية على قانون تشديد العقوبات على راشقي الحجارة والتي ستصل الى حكم بالسجن لثلاث سنوات .
كما تبنى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) منتصف شهر سبتمبر الماضي في اجتماع عقده برئاسة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، قرارًا يقضي بتفويض الجنود الإسرائيليين بإطلاق النار على الفلسطينيين في حال تعرض الجيش أو مواطن يهودي للخطر من راشقي الحجارة".
ويعود الشباب في الضفة الغربية الى الأسلحة القدمية، أبطالها المقاليع والحجارة والسكاكين، ويتوزعون على بوابات القرى حارسين مسلحين بحجارتهم، فيزرعون رعبا لا بأس به بين جنود المحتل الذي يقتحمون القرى الفلسطينية ويعتقلون العشرات كل يوم.
وجندي اليوم لم يكن الأول الذي يقتل بالحجر فقبل عامين قتل الجندي السيرجنت رونين لوبارسكي (20 عاما) من وحدة القوات الخاصة بعد اصابته بحجر ثقيل على رأسه خلال مداهمته برفقة جنود آخرين إلى مخيم الأمعري ومحاولة اعتقال شباب المخيم
ولقد طالب نتنياهو في عدد من التصريحات بالتعامل مع أي شاب فلسطيني أو حتى طفل فلسطيني يلقي الحجارة على أنه إرهابي وأنه يحمل السلاح"، مشيراً إلى اعتماد جملة "الحجر يقتل"، بالإضافة إلى شعارات أخرى مماثلة "يتم تلقينها من الحكومة الإسرائيلية ويتبناها الإعلام الإسرائيلي بكل سهولة ويبدأ بتكرارها.
ويبدو أن سلاح المواطن الباق في الضفة في ظل هذا التضيق هو الحجر حيث يقرأ المحلل والكاتب المختص بالقضايا الإسرائيلية محمود مرداوي ما جرى في جنين اليوم بأنه تأكيد على مواصلة النضال الشعبي الفلسطيني حتى لو كان بالحجر، فهذا يدل على إصرار وثبات وإرادة شعب لا تموت وفي نفس الوقت يدني معنويات المحتل على حد قوله.
ويضيف مرداوي:" هذا الحجر ذكر العدو بأنه لا احتلال بدون قتال، ولا قتال بدون قتلى، والنصر حليف صاحب الحق، الذي يوقن بأنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله..