(إسرائيل) مُنكسرة، والفلسطينيون يعيشون نشوة انتصارات متتالية غير مسبوقة، هكذا توصيف المشهد باختصار وبدون مبالغة.
وإلا بماذا نصف هلع ذاك الجندي الاحتلالي وهو يركض مسرعًا لانتزاع وإخفاء علم كيانهم الذي حاول أحد المستوطنين التلويح به داخل باحات المسجد الأقصى المبارك، خشية استفزاز المقاومة؟.
بينما بقي علم فلسطين الذي علَّقه أحد المرابطين على سطح مسجد قبة الصخرة لنحو أسبوع، قبل أن يقوم جنود الاحتلال بإزالته، فيما يتوشح المرابطون بالمسجد الأقصى أعلام فلسطين بكل جرأة وفخر.
وهل توجد كلمة غير (الانكسار أو الهزيمة) يمكن أن نصف بها صراخ حاخام يهودي عقب عملية إلعاد، في وجه "بنتسي غوبشتين" أحد المتطرفين الذي يقود الاقتحامات إلى الاقصى: "اقتحاماتكم سبب العمليات، عليكم الكف عن تنفيذها".
في المقابل، قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار يُلقي التهديدات الإسرائيلية المسعورة والمطالبات باغتياله، على خلفية تحريضه على تنفيذ العمليات ومقاومة الكيان، خلف ظهره، ويصدح بنبرة الواثق القوي: حياتنا طبيعية، ولا نعمل حسابا لأحد.
السنوار الذي لا يخرج عبر الإعلام إلا نادرا، وإن خرج فلأمر جلل أو ذي أهمية، سيتردد صدى كل كلمة يتفوه بها من الآن فصاعدا في آذان الصهاينة، فإن تحدث عن السواطير سيخشون السواطير، وحتى إن تحدث عن الطناجر سيرعبون من مشاهدتها حتما.
تحدي السنوار وملامح وجهه الثائر المنتصر، تُفسر حالة الشحوب والخزي والانكسار التي ظهرت على وجه زعيم حكومة الاحتلال نفتالي بينت أثناء مهاجمة عائلات قتلى جيشه خلال خطاب له في حفل تأبين لإحياء ذكراهم.
عائلات قتلى جيش العدو صرخت في وجهه بغضب: "خائن، حقير، محتال، اخرس، عليك أن تخجل"، في حين كان بينت ينظر إليهم متنهدا، ويلتزم الصمت، وماذا عساه يقول وهو عاجز عن توفير الأمن (السلعة باهظة الثمن)، بل ينفذ تعليمات المقاومة وبساطيرها فوق رقبته.
العاجز بينت بين نارين، فمن جهة حالة الغليان في المجتمع (الإسرائيلي) بعد تحول احتفالاتهم بذكرى تأسيس كيانهم إلى بيوت عزاء ونحيب بفعل العمليات الفدائية البطولية وثبات المرابطين بالأقصى، ومن جهة أخرى حر جهنَّم المقاومة التي تلفح قفاه بعد سماعه تهديدات قادتها الأخيرة، وهو يدرك أنها إذا وعدت نفَّذت، وإذا ضربت أوجعت.
بعد 74 عاما على احتلال فلسطين، يُدرك المحتلون الجاثمون على أرضنا اليوم، أن بقاءهم عليها يعني أن يعيشوا في رعب وذل طوال الوقت، فلن تنفعهم حكوماتهم الفاشلة الهشة، ولا جيشهم المتخم بالأسلحة والذخائر، أمام عزيمة شعب أقسم ألا يستكين يسند ظهره على مقاومة لا تعرف الاستسلام.