قائد الطوفان قائد الطوفان

"سيف القدس" تجٌز الحارس وتسقط الأسوار وتفرض المعادلات

الرسالة نت-غزة

شكلت معركة "سيف القدس" التي انطلقت في العاشر من أيار من العام الماضي، دفاعا عن القدس والأقصى، ونصرة لأهلنا في القدس المحتلة أمام عدوان الاحتلال، نقطة تحول مهمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، ومثلت تطورًا نوعيًا في مسار الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

عدوان رأى فيه رئيس حكومة الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو خطوة تكتيكية لتحقيق إنجاز سياسي، وطوق نجاة له يمكنه من البقاء على رأس حكومة الاحتلال لأكبر فترة ممكنة، لكن أنى له ذلك في ظل مقاومة فلسطينية تشكل مظلة حامية لحقوق شعبنا وثوابته، فصدت عدوانه، وأسقطت مشاريعه، وكتبت بدماء شهدائها نصرا جديدا على طريق الحرية للقدس وفلسطين.

فكانت "سيف القدس" في مواجهة "حارس الأسوار"، فجز سيفها الحارس، ودكّ أبطالها الأسوار، وسقط نتنياهو وأحلامه السياسية التي أرادها على دماء شعبنا، وسقطت مشاريع الاحتلال التهويدية، وبقيت القدس بأسوارها وقلاعها وأبوابها وأقصاها وساحاتها وأهلها شامخة منتصرة.

ومن جديد، تمكنت المقاومة الفلسطينية، والمرابطون في المسجد الأقصى، وشعبنا الصامد في غزة والضفة والداخل المحتل في شهر رمضان الماضي من تحقيق انتصار آخر، وإفشال مخطط ذبح القرابين ومسيرة الأعلام الصهيونية في الأقصى، ونجحت بفرض معادلات وقواعد اشتباك جديدة، وأكدت أن ما بعد معركة سيف القدس ليس كما قبلها.

"فشل نتنياهو"

لم يحقق الاحتلال ورئيس حكومته آنذاك بنيامين نتنياهو أيا من أهداف عدوانه، سواء بتصعيد انتهاكاته ضد أهلنا في القدس والشيخ جراح، ومحاولات فرض واقع تهويدي جديد، أو بعدوانه على قطاع غزة.

أخطأ الاحتلال في تقدير الموقف وقراءة المشهد، ولم تلتقط المستويات العسكرية والسياسية لديه تحذير قائد أركان المقاومة الفلسطينية محمد الضيف في الرابع من مايو قبل بدء المعركة بستة أيام، والذي جاء فيه "يوجّه قائد الأركان تحذيرًا واضحًا وأخيرًا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي، وسيدفع العدو الثمن غاليًا".

وأمام استمرار العدوان، لبّت المقاومة نداء أهلنا في القدس المحتلة في العاشر من مايو، بقصف القدس المحتلة، ومستوطنات غلاف غزة بوابل من الصواريخ، وخلال معركة سيف القدس أطلقت المقاومة أكثر من أربعة آلاف صاروخ وقذيفة تجاه العمق الصهيوني، وسطّرت أرقى نماذج الصمود والبطولة في مواجهة همجية الاحتلال وعدوانه.

ووصفت صحيفة يديعوت العبرية قصف المقاومة تجاه العمق الصهيوني بأنه "هجوم لم يعرف مركز البلاد مثيلا له من قبل"، وعنونت باللون الأحمر العريض "البلد تحترق".

نجحت المقاومة في إفشال مخططات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى وكسرت هيبته، وتمكنت من ضرب استراتيجية جيشه وأجهزته الأمنية، وتآكلت قوة الردع الصهيونية، بفضل صمود شعبنا ومقاومته الباسلة.

"هزيمة نكراء"

وأظهرت معركة سيف القدس هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وأدت الهزيمة التي مُني بها نتنياهو وجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تعميق حالة الهشاشة داخل المجتمع الصهيوني، وزيادة الاتهامات بين قادة العدو على تحمل المسؤولية.

ووصفت الأوساط العسكرية والإعلامية في الكيان الصهيوني ما حصل بالهزيمة النكراء، والانتصار الكبير للفلسطينيين، صابّين جام غضبهم تجاه رئيس حكومة الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو.

انتصار جديد

وبعد عام كامل من المعركة، لا تزال تداعيات ونتائج معركة سيف القدس التي انطلقت دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، حاضرة بقوة لدى دوائر صنع القرار السياسي والعسكري في الكيان الصهيوني في التعامل الحذر في القدس والأقصى.

وليس أدل على ذلك من منع شرطة الاحتلال في شهر رمضان الماضي المستوطنين من ذبح القرابين في الأقصى، ومسيرة الأعلام الصهيونية من الوصول إلى ساحة باب العامود في القدس المحتلة، خشية أن يؤدي ذلك إلى مواجهة جديدة مع المقاومة الفلسطينية، إذ أصدر رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت قرارا بمنع المتطرف إيتمار بن غفير من الوصول إلى باب العامود.

وعقّب محلل الشؤون الفلسطينية في هيئة البث الصهيوني العام غال بيرغر على ذلك قائلًا: "سجلت حماس انتصارًا لنفسها بأن خلقت معادلة جديدة، ومنعت خلالها مسيرة الأعلام من الدخول للبلدة القديمة من القدس بعد عام كامل من المعركة.

ويقول مراسل الشؤون العربية في قناة "كان11" العبرية روعي كايس: إنه وبعد عام من المعركة، فقد سجلت حماس ورفاقها نصرًا مؤزرًا"، مشيرا "إلى نجاحها بربط القدس بغزة بشكل أوتوماتيكي، وأن الجميع يعرف إلى أين سيؤدي هذا الارتباط".

فشل وتخبط صهيوني على المستويات كافة، قابله نجاح كبير للمقاومة الفلسطينية، وقدرتها العالية على إدارة المعركة المفتوحة مع الاحتلال الصهيوني، وفرض معادلة جديدة في القدس والمسجد الأقصى.

وحدة شعبنا

ونجحت المقاومة خلال معركة سيف القدس في إفشال مخططات الاحتلال الهادفة إلى فصل الأراضي والمناطق الفلسطينية، وضرْب وحدة شعبنا، وتمكنت ولأول مرة من فرض معادلة وحدة الأرض الفلسطينية، التي تجلت في أبهى صورها خلال معركة سيف القدس.

ويقول روعي كايس مراسل القناة 11 الإسرائيلية: "بعد مرور عام على معركة سيف القدس، كيف لم ننظر إلى أعظم نجاح لحركة حماس ورفاقها عندما ربطت تلقائيًا بين منطقة القدس وقطاع غزة".

كما نجحت المقاومة من استنهاض الكل الوطني الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، فانتفضت الضفة والقدس والنقب والرملة واللد، وتجلت مقاومة شعبنا الشاملة والموحدة في أبهى صورها رافضة ومقاوِمة للاحتلال وانتهاكاته.

وأثبتت المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس أن المقاومة الشاملة الموحدة وفي كل ساحات الوطن هي القادرة على إفشال كل مشاريع التطبيع، وتصفية القضية الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من العمليات البطولية التي يسطرها شعبنا الثائر في الضفة والداخل المحتل، وما عملية الخضيرة، "وبني براك" وعملية النقب البطولية إلا رسالة قوية وصفعة للمطبعين العرب المشاركين في قمة النقب، والتي نسفت كل أوهام التعايش، وشكّلت حالة من القلق والإرباك لدى الاحتلال.

وستبقى المعركة مع الاحتلال الصهيوني مفتوحة ومتصاعدة في كل ساحات الوطن، وستظل المقاومة ممتشقة بندقيتها، دفاعًا عن القدس والأقصى وحقوق شعبنا الفلسطيني وثوابته، وكابوسًا يلاحق الاحتلال الصهيوني، يُسقط قادته، ويُفشل مخططاته، وصولا إلى دحره عن كامل الأرض الفلسطينية.

 

المصدر: موقع حركة حماس

 

البث المباشر