تتزايد المخاوف (الإسرائيلية) مع مرور الوقت من استمرار التوتر الأمني بين فلسطينيي الـ48 وجنود الاحتلال والمستوطنين، ويعتبرون ذلك مؤشرا على فقدان الاحتلال لسيطرته على المدن الفلسطينية الموصوفة بـ"المختلطة"، وفي الوقت ذاته يعربون عن قلقهم من تحول الدولة مع مرور الوقت الى كيان ضعيف، وبحدود محصورة.
مع العلم أن هذه الأصوات (الإسرائيلية) تنتقد إنفاق الدولة على مر السنين معظم مواردها المالية لحفظ أمنها من الحدود الخارجية، لمواجهة حزب الله وحماس وسوريا، وبالطبع إيران، لكنها في الوقت ذاته، نسيت النظر داخل حدودها، ومعرفة ما إذا كانت بأمان أم لا، رغم أن "السجادة تحترق من تحت أقدام الإسرائيليين، وربما لن يكون بعيدًا اليوم الذي قد يتم تهديدهم بالبقاء داخل هذه الحدود".
الجنرال أفيغدور كهلاني وزير الأمن الداخلي الأسبق ورئيس حزب الطريق الثالث، ذكر في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن "إسرائيل على مر السنين وجدت إجابات أمنية للتحديات الخارجية، لكن الوضع في الداخل مقلق، فقد أصبحت العديد من مساحات مناطق النقب خارجة عن سيطرة الدولة، كما هو الحال في مناطق أخرى، والسفر في طرقها بات خطير على الإسرائيليين، لأنهم يخافون من رشق الحجارة، ويهربون، كما يتم إحراق أعلام إسرائيل في المظاهرات التي تشهدها القرى العربية داخل الدولة".
وأضاف أن "المسئولية تتجاوز الشرطة والجيش وأجهزة الأمن حتى تصل الحكومة ذاتها، التي بات عليها أن تبني مفهوما أمنيا جديدا يتناسب مع التهديدات الحالية، ومن خلال ذلك تعد خطة أمنية، وإلا فإني أتوقع من اليوم أن يتم تشكيل لجنة تحقيق مستقبلية لفحص الصدمة التي قد يمر بها الإسرائيليون في المستقبل، وحينها سيتم توجيه اللوم لجملة المسئولين عن فشل السياسة الإسرائيلية في النقب، مع العلم أن عناوين هذا الفشل مكتوبة بأحرف ضخمة على الحائط، لكن أياً منهم لا يريد قراءتها".
وتتزايد المخاوف الإسرائيلية بين يوم وآخر مما تسميه تراجع سيطرة الدولة على المدن والبلدات والقرى التي يقيم فيها فلسطينيو48، رغم تعزيز حجم أفراد شرطة الاحتلال، وجنود الجيش؛ وزيادة الموارد البشرية وتعزيزها؛ مع وجود خلاف بين الجانبين حول ما إذا كان الجيش سينقل المزيد من جنوده إلى مناطق نفوذ الشرطة؛ ومن ذلك تشكيل الحرس الوطني الذي أوعز رئيس الحكومة نفتالي بينيت لتشكيله مؤخرا.
وبعيدا عن القضايا اللوجستية، لكن من الواضح أن دولة الاحتلال أمام تهديد أمني لم يكن قائما في سنوات سابقة، ويتعلق بالتحدي الماثل بين ظهرانيها، في ضوء تنامي الحس الوطني والقومي لدى فلسطينيي48، وانخراطهم في الفعاليات الجماهيرية التي تدعو لها الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي سبيل مواجهة هذا التهديد الأمني، بدأت دولة الاحتلال بزيادة أعداد قوات حرس الحدود، والمباشرة بخطوات إنشاء الحرس الوطني، وتحديد مهامه، ولمن سيكون خاضعًا عمليًا؛ ومصادر قواه العاملة، ومدى فهم احتياجاته، وإمكانية دمج قوات الجبهة الداخلية مع أنشطة جهاز الأمن العام-الشاباك والموساد للمساعدة في الأمن الداخلي، وسياسة حمل السلاح، وإجراء زيادة كبيرة في الكاميرات الأمنية في جميع الشوارع والطرقات داخل الدولة، وكل ذلك يعني أن دولة الاحتلال باتت تجد نفسها أمام واقع أمني جديد، وفي داخل حدودها.
عربي21