لم يدر بمخيال المشرّع الإسرائيلي يوما أن ثمة معادلة سيفرضها الفلسطيني في لحظة من الزمن، يهيل عبرها التراب على استراتيجية نجح الاحتلال في إعدادها منذ عشرين عامًا، قسّم خلالها خارطة مناطق السلطة لـكانتونات منفصلة ببيئات ميدانية وإجرائية مختلفة.
ساعده في ذلك اتفاق سياسي مشؤوم وقعت عليه السلطة منذ 22 عاماً عرف بأوسلو، ثم بنت عليه بعد عام 2006 بانقسام سياسي تسببت فيه بعد احتراب أهلي دفعته إليه قوى وأدوات داخلية وخارجية، قبل أن تنجح المقاومة في وأدها.
من غزة للقدس، لم تكن قاطرة عابرة، إنما ملحمة جسّدت فيها المقاومة بقرار من قائد الظل مساراً ربط بين عناوين وطنية غيبها لسنوات الحصار الخانق المفروض على المقاومة بغزة والحرب الشرسة التي شنها الاحتلال عليها في الضفة.
تقول قيادة المقاومة إنّ أهم ما أفرزته معركة سيف القدس هو وحدة الجبهات الفلسطينية، حتى بات ينادي مناد في الأقصى "يا غزة يلا منشان الله" فترد عليه المؤسسة (الإسرائيلية) العسكرية بمنع رفع العلم احتلال، خشية أن تستجيب غزة!
يقول مراقبون إنّ رسم هذه المعادلة تمثل أخطر مشهد بالنسبة للاحتلال الذي لم يحلم لوهلة ولو في أسوأ كوابيسه أن تُفرض عليه من قطاع محاصر منذ 16 عاماً، خاصة بعد فك الارتباط عام 2005، ومحاولة الاحتلال تحييد القطاع عن ساحة الفعل الدائرة في الضفة والقدس.
ملامح الإنجاز!
الكاتب السياسي راسم عبيدات، يرسم أحد ملامح الإنجاز في المعركة التي خاضتها المقاومة بسيف القدس، أهمها إفقاد المحتل لعنصري المفاجأة والمبادرة.. فجاءت معركة "سيف القدس" التي "هشمت" دولة الاحتلال سياسياً وعسكرياً".
ويرصد عبيدات ملمحاً آخر للإنجاز يتمثل في استعادة الوعي الوطني الذي توهم الاحتلال قدرته في كيّه لسنوات طويلة تحديداً في الداخل المحتل، وإعادة إنتاج الموقع الحاسم للفلسطيني هناك.
كما أشار عبيدات إلى أن أهم المعادلات تتمثل في تجسيد وحدة الفعل الفلسطيني في مختلف الساحات.
وأوضح أيضاً أن من بين ملامح الإنجاز، توحيد خارطة الوطن الفلسطيني، عبر تبنٍ موحدٍ لعناوين القضية الفلسطينية، باعتبارها الفاعل الرئيسي في تحريك العمل المشترك، كما أنها مثلت إلهاما للفلسطينيين في الضفة والقدس باستعادة الدور وتعزيزه في مواجهة الاستيطان، استناداً لمقاومة قوية قادرة على توفير الحماية.
هذه بعض من المحطات المفصلية للشعب الفلسطيني ومقاومته التي باتت تقول إن شعبنا رغم كل ما يمر به من ظروف وما يواجه من تحديات، فإنه بات أقرب إلى تحقيق أهدافه، إذ لأول مرة يشعر المحتل بالخطر الوجودي على دولته، ارتباطاً بتطور قدرات وإمكانيات المقاومة الفلسطينية، بحسب عبيدات.
لا تجاوز!
من جانبه، أكدّ القيادي بحركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب، أنّ ما حققته المقاومة في سيف القدس بوحدة الأرض والجغرافيا الفلسطينية، لن يجري تجاوزه.
وشدد حبيب في حديثه لـ"الرسالة نت" على أن الاستيطان والعدوان على القدس قنبلة ستنفجر في وجه الاحتلال.
وقال إنّ هذه الاعتداءات من استيطان وعدوان في النقب والقدس ومنح المستوطنين الضوء الأخضر للفساد، كل ذلك يدفع إلى تسخين الساحة وتوجيه الأمور نحو التصعيد.
وحمّل حبيب الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات عدوانه ومآلاته وما سيفرزه، مطالباً الجميع بالعمل على لجم الاحتلال وعدوانه.
وأشار إلى أن المقاومة لن تتخلى عن دورها في الدفاع عن أبناء شعبها في شتى مواقع تواجدهم، ولن تسمح للاحتلال بالاستفراد بهم.