تشهد المنطقة حركة اتصالات ووفود سياسية مكوكية، تهدف إلى تخفيف الاحتقان، والحد من الدخول في مواجهة عسكرية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال (الإسرائيلي) بسبب مسيرة الأعلام الاستفزازية.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية الليلة الماضية، أن اتصالات حثيثة تجري بين أطراف عربية ودولية مع الاحتلال في محاولة لنزع فتيل تصعيد قد يعصف بالمنطقة، نتيجة لمسيرة الأعلام المقررة بداية الأسبوع القادم في البلدة القديمة من القدس.
وقالت الصحيفة إنه، في أعقاب تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الليلة، وكذلك تهديدات الفصائل المسلحة في قطاع غزة، تجري مصر والأمم المتحدة وقطر اتصالات حثيثة مع الكيان سعياً لنزع فتيل التصعيد.
وبينت الصحيفة أن الوسطاء ينقلون رسائل بين الكيان وغزة في محاولة لمنع تصعيد جديد.
كما كشفت قناة "الميادين" الفضائية، الليلة الماضية، تفاصيل الرسائل المتبادلة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال (الإسرائيلي) عبر الوسطاء، بشأن "مسيرة الأعلام"، المنوي إقامتها في مدينة القدس الأحد المقبل.
ونقلت القناة عن مصادر في المقاومة، إنّ "المقاومة أجرت مباحثات عدة خلال الأيام الأخيرة مع الوسطاء بخصوص الاستفزازات التي يمارسها الاحتلال في مدينة القدس".
وأضافت أن "المقاومة الفلسطينية أبلغت الوسطاء أنّ كل الخيارات مطروحة على طاولة المقاومة؛ لمواجهة استفزازات الاحتلال بما في ذلك الخيار العسكري"، مشيرةً إلى أن المقاومة أبلغت الوسطاء بأنه على الاحتلال العودة للوضع القائم قبل عام 2000 في المسجد الأقصى.
وفي التعقيب على ذلك، قال المختص بالشأن الإسرائيلي أحمد رفيق عوض إن هناك اهتماماً إسرائيلياً شديداً بالموقف الفلسطيني لم يكن في السابق، بسبب أن استفزاز الفلسطينيين بالمسيرة أو غيرها بات مكلفاً جداً سياسياً وأمنياً.
وأضاف عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن ربط المقاومة الفلسطينية للمعادلات، يضعف الموقف (الإسرائيلي) ويدفعه لأن يعيد حساباته جيدًا، وأن يحاول الاتصال بكل من له علاقة بالمقاومة كي يتوسط عندها لمنع التصعيد.
وأشار إلى أن (إسرائيل) تتقي شر التصعيد، ولذلك أرسلت للوسطاء أن المسيرة لن تستفز المقدسيين، ولن تمر بالمناطق التي من شأنها إشعال الغضب والتصعيد الذي لا يعرف مداه ولا نهايته.
ويرى أن الاحتلال لن يسمح بالمسار المستفز للمقدسيين والمقاومة، وهذا يشير إلى تغير شديد وحقيقي في موقف الاحتلال، ولذلك فإن هناك حرصاً (إسرائيلياً) من كافة المستويات بمرور المسيرة دون تصعيد، لذلك نرى حراكا سياسيا دبلوماسيا لإقناع المقاومة بالموقف.
أما شرحبيل الغريب، الكاتب والمحلل السياسي، فيرى أن النشاط السياسي والدبلوماسي نابع من إعلان الاحتلال (الإسرائيلي) عزمه مسيرة الأعلام التي تستفز المقدسيين والفلسطينيين ومقدمة لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى عنوانه التقسيم والزماني وهدم قبة الصخرة.
وقال الغريب في اتصال هاتفي مع "الرسالة" إن هناك أطرافاً دولية غير معنية أن يعود المشهد إلى المواجهة العسكرية بين الفصائل والاحتلال، وهذا نابع من اعتبارات كثيرة أهمها الرؤية الأمريكية والدولية وحرب أوكرانيا، حيث أن جبهة مواجهة مع غزة من شأنها أن تشعل الأوضاع في المنطقة بأكملها.
وأضاف: "هناك خشية (إسرائيلية) من الوصول إلى لحظة المواجهة العسكرية المفتوحة مع المقاومة بغزة؛ لأن الحكومة هشة وأصبحت أسيرة لرغبات الجماعات الصهيونية المتطرفة، بين عدم الوصول للمواجهة وبين تحقيق رغبات الجماعات التي تشكل نسبة كبيرة داخل الائتلاف الحكومي".
وأشار إلى أن هناك حالة من عدم الرضا في قيادة الجيش ببدء مواجهة جديدة مع غزة؛ لإدراكهم أن أي مواجهة حالياً قد تكون مكلفة وباهظة على قاعدة أنه لن يغامر في مواجهة من أجل مستقبل بينت السياسي.
وبيّن أن هناك ضغوطاً كبيرة ووساطات مستمرة حتى هذه اللحظة؛ لا أحد يضمن المشهد. كل السيناريوهات مفتوحة، حتى آخر لحظة. حتى التصعيد العسكري لا نستطيع استبعاده في ظل إصرار على تنفيذ المسيرة وفق المسار المخطط لها.