قبل حوالي أسبوع، ألغت المحكمة (الإسرائيلية) قيوداً فرضتها على عدد من المستوطنين تشمل أوامر إبعاد عن البلدة القديمة في القدس المحتلة، بعد أن أدوا طقوساً "تلمودية" في باحات المسجد الأقصى.
وبرر قاضي المحكمة المركزية إبطال الحكم بأنه لا يمكن القول إن ركوعهم وتلاوتهم التراتيل وترديد صلواتهم اليهودية والترانيم والاستلقاء على الأرض خلال اقتحامهم الأقصى يشكل مخالفة جنائية وسلوكاً قد يؤدي إلى الإخلال بالسلم العام.
وفي المقابل، أثار قرار محكمة الاحتلال غضبا فلسطينيا في ظل تشكيكه في شرعية منع اليهود من الصلاة في المسجد الأقصى خلافا لـ"الوضع القائم" المستمر منذ عقود، الذي يمنع غير المسلمين من ممارسة الشعائر الدينية في الأقصى.
يفسر المحامي خالد زبارقة ما جرى بأن التوقيف الذي فعّلته المحكمة (الإسرائيلية) المركزية لثلاثة شبان يهود مرتبط بالسلامة العامة، موضحاً أن تأدية الطقوس التلمودية في الأقصى يمكن أن يعتبر مخالفة لدى محكمة الاحتلال في حال أخلت بالنظام العام دون الاكتراث للوضع الفلسطيني فالمهم الالتزام بالقوانين الإسرائيلية واتباع أنظمة الشرطة.
أما عن القوانين المرتبطة بممارسة الطقوس التلمودية في الأقصى، ذكر زبارقة "للرسالة نت" أن المستوطنين يتعاملون وفقها، إذ يعتبرون أن الأقصى هو "هيكلهم" المزعوم وليس مسجدا، مؤكدا أن هناك قرارات قضائية تقضي بحق اليهود في ممارسة الطقوس التلمودية في الأقصى لكن ترك ذلك لحسابات وموازنات الأجهزة الأمنية في اللحظة التي تراها مناسبة.
ويوضح أن الشرطة يمكنها منع الطقوس في حال رأت أنها تخل بالأمن العام، والمسألة متروكة لتقديراتها إن كان الوقت مناسباً أم لا.
وحول ما يجري اليوم في المسجد الأقصى تزامناً مع مسيرة الأعلام الإسرائيلية، يقول زبارقة إن الوضع صعب وخطير هناك، مبيناً أنه رغم الحالة التصاعدية التي تقودها المنظمات الإرهابية في القدس، فإنهم يطالبون العرب بالتهدئة في ظل حملة التصعيد المستمرة دون لجم المستوطنين الإرهابيين الذين يؤدون الطقوس الاستفزازية وترديد عبارات عنصرية ضد العرب والمسلمين.
وفي السياق ذاته يقول سليمان بشارات المختص في الشأن الإسرائيلي إن منظومة المحاكم الإسرائيلية تعمل في إطارين؛ الأول يقدم خدمة قضائية عادلة فيما يتعلق بالمجتمع الإسرائيلي، بمعنى تدعم المصالح التي تتعلق بالاحتلال وأفراده والمستوطنين، لكن في المقابل تجرم الإنسان الفلسطيني من منطلقات مختلفة.
وذكر بشارات "للرسالة نت" أنه في هذا الإطار عملت الجماعات الاستيطانية عبر سنوات طويلة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها وكذلك البيوت من خلال ذهاب المحاكم الإسرائيلية لاستغلال بعض الثغرات في المرجعيات القانونية التي تعتمدها، فمثلا تلجأ المحاكم الإسرائيلية للقانون العثماني في إثبات بعض الملكيات للأراضي لصالح المستوطنين، بينما تلجأ لقانون أملاك الغائبين لمصادرة البيوت والعقارات.
وبحسب متابعته، فإن المنظومة القضائية الإسرائيلية تستند إلى مصلحة الاحتلال في تعزيز وجوده على الأرض، إلى جانب توفير الحماية لهم من خلال اعتقال الفلسطينيين بتهم التحريض أو الاعتداء أو غيرها من مبررات.
ووفق السبب السابق، كما يفسر بشارات، فإن المحاكم الإسرائيلية بطبيعتها هي محاكم عسكرية ترتكز في مناقشة القضايا من أبعاد أمنية وعسكرية بعيداً عن المفهوم المدني خصوصاً في القضايا التي يكون فيها الفلسطيني طرفاً.