ما إنْ تزف الضفة شهيدًا، حتى يرتقي آخر، ليكون مطلع يونيو، يوم الشهداء، إذ ارتقى ثلاثة شهداء في غضون 24 ساعة، في ظل اشتعال المواجهات مع الاحتلال في كافة مدن الضفة، لمواجهة اقتحامات الاحتلال وعربدته.
وبدأ نزيف الدم باستشهاد الأسيرة المحررة الصحفية غفران وراسنة، برصاص جنود الاحتلال، في مدينة الخليل، أسد الضفة الذي يخشى الاحتلال تململه، في ظل الثقل الوطني والقوة الثورية التي تحتويها المدينة.
أما في جنين، فما إن أشرقت شمس المواجهات حتى خرج عشرات المسلحين والشبان لمواجهة قوات الاحتلال التي جاءت لهدم منزل الشهيد ضياء حمارشة منفذ عملية بني براك، التي هزت (إسرائيل) بكل أركانها.
وأدت مواجهات جنين إلى استشهاد المجاهد ابن حركة حماس بلال قبها، خلال إطلاقه النار اتجاه القوات المتوغلة في المدينة، ولتكتمل الصورة باستشهاد الأسير المحرر أيمن محيسن، في مواجهات مع قوات الاحتلال التي اقتحمت مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين إن الضفة الغربية تشهد تصاعدًا للعمل المقاوم منذ معركة سيف القدس العام الماضي، ومرت بعدة محطات كانت ترفع سقف المواجهة وأهمها كان هروب أسرى جلبوع في شهر أيلول من العام الماضي.
وأضاف أن 29 مايو شكل محطة مهمة وانتفاضة من أجل رفع علم فلسطين ومحاربة العلم (الإسرائيلي) حيث تشهد الضفة منذ يوم الأحد موجة مقاومة جديدة تتمحور حول علم فلسطين، فيما شهدنا دخول مناطق جديدة بقوة على ساحة المواجهات مثل قرية الفندق التي يمر عبرها طريق رئيسي يستخدمه المستوطنون بالإضافة لقرية عزبة الطبيب وقبلهما كانت بلدة حوارة جنوبي نابلس.
وأوضح عز الدين أننا بتنا نلحظ جرأة أكبر لدى الفلسطينيين في التصدي لعصابات المستوطنين التي كانت تصول وتجول في الضفة في السنوات الأخيرة القليلة بدون رقيب ولا حسيب، وأصيب عدة مستوطنين في حوارة والفندق بعد تصدي المواطنين لهم ومنعهم من محاولة إنزال علم فلسطين.
وأشار إلى أن أكثر المناطق سخونة في هذه الموجة هي قرى جنوبي نابلس وقرى قلقيلية حيث تتجول العصابات الصهيونية الأكثر تطرفًا ومركز هذه العصابات الرئيسي في مستوطنة يتسهار جنوبي نابلس وهي شديدة التطرف لدرجة أنها تعتبر جيش الاحتلال خائنًا لأنه لا يقمع الفلسطينيين.
وقال: "إذا أضفنا هذه الموجة إلى الحالة الجهادية الموجودة في جنين، والضعف المتراكم داخل أجهزة سلطة أوسلو المختلفة، فيمكن القول إن هذه مرحلة جديدة تضيف فوق العمل التراكمي الذي بدأ بعد سيف القدس وتبشر بانتقال الموجة إلى المناطق الأخرى في وسط وجنوب الضفة".
وفي التعقيب على ذلك، قال القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد إن ما يجري اليوم في الضفة من أحداث ميدانية متسارعة يدل بوضوح على استعادة شعبنا للحالة الثورية الطبيعية التي يجب أن تعيشها الشعوب التي ترزح تحت الاحتلال.
وأضاف شديد في تصريح لـ"الرسالة": "إن شعبنا اليوم يثبت بما يقدمه من تضحيات في القدس وجنين ورام الله ونابلس ومختلف محافظات الضفة أنه حيّ ونابض بالمقاومة، وأن كل محاولات تدجين الجيل وتطبيعه بالاستكانة لهذا العدو والتعايش معه باءت بالفشل".
وتابع: "نحيي أبناء شعبنا على كامل تراب الوطن، ونشد على أيادي المرابطين في القدس والأقصى الذين تصدوا لاقتحامات الصهاينة بصلاتهم وصدورهم، كما نقبّل الأيادي الضاغطة على الزناد في مخيم جنين وكل الأيادي المتوضئة والحرة القابضة على جمر الوطن ومقدساته، ونحتسب الأبطال الذين ارتقوا في الساعات الأخيرة: غفران وراسنة، بلال كبها، أيمن محيسن، شهداء عند ربهم يرزقون".
وأكد أن كل قطرة دم تراق على مذبح حرية هذا الوطن هي قنديل زيت يسرج الأقصى بنوره ولا ينضب حتى النصر والتحرير، وأن المحتل سيدفع ثمن جرائمه بفعل إرادة شعبنا وثباته ووعيه وإعداده المستمر، وأن كل ما يرتكبه الاحتلال من قتل واعتقال وترويع وهدم للبيوت ومصادرة للأراضي وانتهاك للمقدسات لن يزيد شعبنا إلا إصرارا على حقه في هذه الأرض المباركة وتحديا للاحتلال وأعوانه، ووضوحا للطريق الحتمي الموصل للتحرير والعودة.
وطالب أبناء شعبنا في كل مدينة وقرية ومخيم وزقاق إلى ثورة حقيقية في وجه المحتل وقطعان مستوطنيه، وإلى رفع كلفة وجوده على أرضنا، وإلى بذل الجهد في استهداف المحتل أينما وجد على أرضنا وبكل الوسائل المتاحة، لإن الحرّ لا يرضى الهوان ولا يعدم الوسيلة.