لطالما كرَّر قادة كبرى الفصائل الفلسطينية الفاعلة على الساحة، دعوتهم بضرورة تشكيل أو بناء جبهة وطنية، تمثل الإرادة الفلسطينية، وتنطق بلسان شعبنا، وتعمل على تحقيق طموحاته وأهدافه بالتحرير والعودة.
وبالأمس، خلال مؤتمر علمي نُظم في غزة حول "السيادة الفلسطينية"، تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بوضوح قائلا: "مستعدون لبناء جبهة وطنية فلسطينية تحمي الثوابت وترعى المقاومة وتشكل مرجعية على طريق إعادة بناء منظمة التحرير إذا ما تعثّرت الوحدة العامة."
هذا التصريح أعاد للأذهان اجتماع مجلس الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، بتاريخ 3/9/2020، برئاسة محمود عباس، وشارك فيه ممثلون عن 14 فصيلًا فلسطينيًا منهم حركتا حماس والجهاد الإسلامي، في رام الله وبيروت عبر تقنية الفيديو كونفرنس.
اتفق المجتمعون حينها على تشكيل "قيادة وطنية موحدة تقود فعاليات المقاومة الشعبية الشاملة"، على أن توفر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لها جميع المستلزمات لاستمراريتها، وهو ما لم يحدث أو يرى النور، بسبب نكوص قيادة فتح والسلطة، وتحللها من كل الاتفاقيات الفصائلية، واستحواذها على المنظمة، وقد آثرت المضي قدما نحو الهاوية، ضاربة بعرض الحائط كافة التوافقات والمصالح الوطنية.
وحتى وقت قريب، كرَّرت قيادات بالجبهتين الشعبية والديمقراطية، الدعوة للإسراع بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بقضيتنا الفلسطينية.
وفي ذكرى انطلاقتها العشرين، دعت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية إلى ضرورة التوافق على تبنى استراتيجية وطنية فلسطينية جديدة وموحدة لإسقاط المخططات الرامية لطمس وشطب قضيتنا الوطنية العادلة.
حركة الجهاد الإسلامي أيضا، تدعم تشكيل القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية عبر التشاور الوطني الجاد والحقيقي في كل ما يخصها من برامج عمل ومهام وأهداف تخدم الشعب الفلسطيني وتردع العدو وتضع حداً لمستوطنيه وإرهابهم.
وأمام ذلك، يُطرح تساؤل مهم، لماذا لم تترجم الفصائل دعواتها لتشكيل جبهة وطنية موحدة على أرض الواقع، والانتقال إلى مربع الفعل والحسم، بديلا عن التنظير الكلامي؟.
الإجابة بالطبع مطلوبة من الفصائل ذاتها، لكن مهم أن تدرك نقطة مهمة، وهي أن استمرار الحالة الفلسطينية بهذا الشكل، حيث منظمة التحرير المختطفة داخل أسوار المقاطعة في رام الله، والتفرد بالقرار الوطني لدى قيادة متنفذة غير منتخبة وتستولي على مقاليد الحكم غصبا وإكراها، لم يعد شعبنا يطيق الصمت أو الصبر عليه، وواجب على القيادة الحقيقية الممثلة لإرادته أخذ زمام المبادرة وخلق واقع جديد، يطوي صفحة سوداء من الظلم والارتهان للمحتل وداعميه.