مجاهد وأسير ومبعد ثم شهيد، هكذا كانت حياة مخرّج الاستشهاديين والمطلوب رقم واحد للاحتلال عام 2003م، الذي مرغ أنف العدو في العديد من العمليات التي خطط لها وأشرف عليها.
تمر اليوم الذكرى التاسعة عشرة لاغتيال قائد كتائب القسام في مدينة الخليل عبد الله القواسمي الذي أرعب الاحتلال في كثير من العمليات الاستشهادية والبطولية حتى لقي ربه شهيدا بعد مسيرة حافلة من العطاء والجهاد.
الحياة جهاد
في خليل الرحمن ولد الشهيد القواسمي عام 1960م، ودرس في مدارسها حتى نال شهادة الثانوية العامة، ثم التحق بجامعة الخليل تخصص اللغة العربية، ولظروف اجتماعية واقتصادية لم يتمكن من إكمال دراسته الجامعية.
التحق القواسمي بصفوف حركة المقاومة الإسلامية " حماس " منذ تأسيسها عام 1987م، ولم يلبث طويلاً حتى اعتُقل للمرة الأولى عام 1987م بتهمة مقاومة الاحتلال، والثانية عام 1992م، وأبعد على إثرها مع 417 من عناصر وقادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور في جنوب لبنان.
ومع انتصار المبعدين وكسرهم قرار الإبعاد وعودتهم إلى ديارهم بعد عام من الإبعاد لم يعد الشهيد عبد الله القواسمي إلى منزله، بل نقله الاحتلال مباشرة إلى أقبية التحقيق، وحكم عليه بالسجن 12 شهرا.
وفي عام 1996 تعرض القائد المجاهد إلى الاعتقال مجددا، لكن هذه المرة في أقبية السلطة وليس الاحتلال، وذلك بتهمة انتمائه لحركة حماس والتخطيط لعمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال الصهيوني.
العقل المدبر
اتهمت قوات الاحتلال الشهيد القواسمي بالوقوف وراء كل العمليات الاستشهادية التي نفذتها كتائب القسام في الضفة خلال تلك الفترة، كما اتهمته بالمسؤولية المباشرة عن مقتل قرابة ستين مستوطنا وإصابة المئات.
أشرف القواسمي على تجهيز الاستشهادي نائل عزمي أبو هليل من بلدة بيت عوا قضاء الخليل، الذي نفذ عملية القدس الاستشهادية ضمن سلسلة الردود على اغتيال القائد العام لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة، وأدت إلى مقتل 11 صهيونياً وإصابة 46 بجروح.
كما أشرف على تجهيز العملية الاستشهادية التي نفذها القسامي محمود عمران القواسمة، والتي أدت إلى قتل 16 صهيونياً في انفجار حافلة في شارع موريا في القدس، ويعتبر الاحتلال القواسمي المسؤول الأول عن قتل قرابة الستين مغتصب وإصابة المئات.
ومن بين العمليات التي أشرف عليها القائد الشهيد عبد الله القواسمي، العملية الاستشهادية التي نُفذت في مدينة حيفا والتي أسفرت عن مقتل 17 صهيونياً، وكذلك عملية التلة الفرنسية، في مدينة القدس والتي أسفرت عن مقتل سبعة صهاينة.
ولم تقف رحلة جهاده عند هذا الحد، بل أشرف القائد القواسمي على عملية الاستشهادي عبد المعطي شبانة والتي أدت إلى مقتل 17 جنديا صهيونيا وإصابة 100 بجروح مختلفة.
المطلوب رقم واحد
في آذار عام 2003م، وبعد هذا السجل الحافل بالعمل الجهادي النوعي، وضعت قوات الاحتلال القائد عبد الله القواسمي على قائمة المطلوبين للاغتيال، وعدته المطلوب رقم واحد، واتهمته بالتخطيط والإعداد للعشرات من العمليات الاستشهادية، وشرعت حينها بحملات تفتيش ومداهمات واسعة لاعتقاله.
نفذت قوات الاحتلال عمليات عسكرية كثيرة ضمن محاولاتها لإلقاء القبض عليه أو اغتياله، ومداهمة العشرات من منازل أقاربه، ومن ضمنها تفجير مساكن قديمة ومغارات بحجة البحث عن الشهيد.
نهاية الطريق
مساء الواحد والعشرين من يونيو عام 2003م، أقدمت قوة صهيونية خاصة كانت متخفية في ثلاث سيارات عربية على اغتيال القائد عبد الله القواسمي بإطلاق الرصاص عليه أثناء خروجه من مسجد الأنصار وسط مدينة الخليل.
وبعد عملية الاغتيال، حاصرت قوة كبيرة من جنود الاحتلال المنطقة والمسجد وحاصرت العشرات من المنازل بذريعة البحث عن مطلوب آخر كان برفقة الشهيد القواسمي.
رحل القائد المجاهد عبد الله القواسمي، لكن تلاميذه واصلوا الطريق ونفذوا العديد من العمليات التي أوجعته وأصابته في مقتل.