غادرنا عام 2010 بلا رجعة، ولكنه ترك لنا ما نتذكره به على مدى التاريخ رغم أن صفحته طويت إلى الأبد، وسيبقى هذا العام محفورا بالذاكرة لما حمله من هموم وانطباعات ودروس وعبر، ونقل كل ملفاته التي لم تحل إلى عام 2011 وهذا يعني أن المشهد السياسي للعام الجديد موروث من العام الذي سبقه.
من الذكريات المؤلمة في عام 2010 جريمة السفينة التركية (مرمرة) والتي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المتضامنين الأتراك الذين أرادوا أن يكسروا الحصار عن قطاع غزة وتقديم بعض المساعدات الغذائية والدوائية والعواطف الجياشة والتضامن مع الشعب الفلسطيني، ورغم الألم شكلت جريمة (مرمرة) بارقة أمل للشعب الفلسطيني منها أن هناك من الشعوب بدت أكثر معرفة بالواقع الفلسطيني وحجم الجريمة المرتكبة بحقه من قبل الاحتلال، وكشفت الجريمة عن الوجه القبيح لإسرائيل، وشكلت عاملا قويا في إيقاظ الضمير الإنساني وان كان بشكل بسيطة، إضافة إلى أنها جعلت المطالب بفك الحصار ورفعة عن القطاع تعلو وتيرتها وتشكل سوط يجلد ظهر الاحتلال.
عام 2010 بدى واضح الإجابة في موضوع المفاوضات مع المحتل، وثبت فيه أن منهج المفاوضات واعتماده إستراتيجية وحيدة للشعب الفلسطيني فشل، وان هذه المفاوضات تهدف في المقام الأول إلى تحقيق الرؤية الإسرائيلية والأمريكية في حل الصراع القائم من خلال تنفيذ المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطيني لصالح الاحتلال الصهيوني، كما كشف ذلك العام عورة الإدارة الأمريكية (الاوبامية)، وظهر عجزها وفقدانها لإرادة الإنصاف للشعب الفلسطيني.
عام 2010 كشف حقيقة الإدارة الأمريكية وسياستها الخارجية القائمة على قاعدة التجسس على العالم، وكشف ذلك ما رسبه موقع ويكليكس من فضائح للخارجية الأمريكية، وافقد أمريكا ورقة قوية للمساومة بما لديها من دردشات ووشوشات سجلته مع قادة العالم اجمع، كما أكدت هذه الأوراق المسربة أن أمريكا لا صديق لها، والغاية لديها تبرر الوسيلة، والاهم لها هو تحقيق مصالحها حتى لو كانت على حساب أصدقاء أوفياء قدموا لها كل ما تريد.
عام 2010 كان يعتقد البعض أنه عام المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وإذا به ينقضي والهوية بين طرفي الصراع تتسع، وباتت المصالحة ابعد مما تصور الناس ما شكل إحباطا في نفوس المواطنين الذي كانوا ينشدوا إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة، ولكن على ما يبدو أن هذه الآمال تبخرت مع نهاية العام واشتداد الهجمة على أنصار حماس والتعذيب والاعتقال واختتم العام باعتقال المجاهد أيوب القواسمي، المطلوب لقوات الاحتلال منذ سنوات على ايدي أجهزة امن رام الله، كل ذلك رفع من درجة التوتر بين حركتي حماس وفتح، وتبادل الطرفين الاتهامات، علما أن من يعطل المصالحة من يرهن قراره للإدارة الأمريكية.
عام 2010 كان عام الإعداد من قبل المقاومة الفلسطينية والتي استخلصت العبر من العدوان الأخير، وبناء على هذه الاستخلاصات بنت إستراتيجية جديدة للمواجهة مع العدو، على أمل أن تستكمل المقاومة إستراتيجيتها للمواجهة مع المحتل إلى عام 2011 ، والذي يعتقد أنه عام المقاومة الفلسطينية.
واليوم نحن نعيش أيامه الأولى من عام 2011 نأمل أن يكون عام أكثر إشراقا من العام الماضي، وفيه نعتقد أن العدو سيظهر أكثر ضعفا بعد أن ثبت هشاشة جبهته الداخلية من خلال عدم قدرته على مواجهة حريق الكرمل، نتمنى في هذا العام أن يرفع الحصار ويعاد البناء وأن ننهي الانقسام ونوحد الصف وان يغير البعض من استراتيجياته التي ثبت فشلها وانتهاج إستراتيجية الشعب الفلسطيني القائمة على قاعدة استرداد الحقوق.