عام مر، على جريمة تعذيب واغتيال المعارض السياسي نزار بنات في 24 يونيو/ حزيران من العام الماضي، خلال عملية اعتقاله والاعتداء عليه، بمكان إقامته في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وبرغم أن جريمة اغتياله أثارت ردود فعل واسعة وغاضبة واحتجاجات واسعة، إلا أن السلطة وحكومة اشتية ما زالتا تماطلان بتطبيق العدالة ومحاكمة القتلة والمجرمين.
وكانت الأجهزة الأمنية أفرجت مؤخرا عن رجال الأمن الـ14 المتهمين بمقتل نزار بنات، وفق إجازة حتى تاريخ 2 يوليو/ تموز المقبل، بذريعة متابعة أوضاعهم الصحية وإجراء الفحوصات اللازمة لهم، بعد ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في مركز الإصلاح والتأهيل مع وجود اكتظاظ في مراكز تأهيل وإصلاح الجنيد وأريحا، وهي ذريعة لم تقنع المؤسسات الحقوقية.
وكانت السلطة الفلسطينية شكلت لجنة تحقيق في وفاة بنات برئاسة وزير العدل الذي أعلن عقب انتهاء التحقيق أن سبب وفاة بنات “غير طبيعي”.
وبدأت محكمة عسكرية محاكمة 14 شخصًا متهمين في القضية في 14سبتمبر/أيلول الماضي، بحضور ممثلين عن مؤسسات حقوقية.
ووجهت النيابة العامة العسكرية الفلسطينية إلى الموقوفين في جلسة عقدت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي تهمة “الضرب المفضي إلى الموت”.
الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، طالبت باحترام الإجراءات القانونية الواجبة، واحترام استقلال المحكمة، وتصويب الإجراءات المخالفة للقانون، مؤكدة أن قرار النائب العام العسكري بمنح المتهمين إجازات من التوقيف والحبس الاحتياطي ليس له أساس في القانون الفلسطيني، ولا في قانون الإجراءات الجزائية الثوري لسنة 1979، ولا في قانون مراكز الإصلاح الثوري لسنة 1979، ولا في قانون مراكز الإصلاح والتأهيل السجون لسنة 1998 وتعديلاته، وهي القوانين ذات العلاقة بإجراءات المحاكمة ومعاملة النزلاء بمن فيهم الموقوفين والمحكوم عليهم.
وشددت الهيئة على أن الأسباب المرتبطة بالوقاية من انتشار فايروس كورونا لا تبرر الخروج عن حكم القانون. إضافة إلى أن هذا الإجراء بالصورة الذي تم فيها، ينطوي على اعتداء على سلطة المحكمة واختصاصها، وبالتالي، لا بد من تصويب الإجراءات وفقاً للقانون.
وأكدت الهيئة المستقلة على ضرورة تحقيق العدالة الناجزة في المحاكمة وفي أسرع وقت بما يضمن المحاكمة العادلة والسريعة للمتهمين وللأطراف كافة، ويضع جميع الحقائق أمام المواطنين، كما دعتالجهات الرسمية المختصة من جديد إلى تبني وتنفيذ توصياتنا الواردة في تقرير تقصي الحقائق الذي أصدرناه بالشراكة مع مؤسسة الحق بشأن مقتل الناشط السياسي نزار بنات، بما في ذلك، إصدار الحكومة الفلسطينية اعترافا رسمياً كاملاً بالمسؤولية عن الجريمة، وتقديم اعتذار لعائلته وأصدقائه، وتقديم التعويضات المادية للمستحقين.
من جهتها، طالبت عائلة المغدور نزار بنات، القضاة في قضية محاكمة المتهمين بقتله العام الماضي، بالانسحاب من قضية محاكمته، كما فعلت العائلة، مؤكدة مضيّها نحو اللجوء إلى القضاء الدولي.
ووفق بيان عن شقيق نزار، غسان بنات، فقد أكد أنّ "قرار العائلة والهيئة الوطنية لمتابعة قضية نزار بالانسحاب من المحكمة كان قراراً صائباً وسليماً، بعد أن ثبت لدى العائلة مقدار التلاعب وعدم النزاهة والشفافية في إجراءاتها، وعدم وجود الإرادة القانونية في أحكام عادلة أو تنفيذ تلك الأحكام على المستويات كافة". وحمّلت عائلة بنات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مسؤولية ما يقع وتبعاته على السلم الأهلي.
وطالبت العائلة قضاة المحكمة، وللمرة الأخيرة، بالانسحاب مما أسمتها "المسرحية الدموية"، و"حتى لا يكونوا شركاء في دماء نزار، وحيث إن التاريخ يسجل صفحات بيضاء وأخرى سوداء"، مضيفة أن "عليهم اتخاذ القرار المناسب، حفاظاً على شخوصهم وعائلاتهم".
وطالبت العائلة المجتمع الدولي بوقف تمويل المنظومة الأمنية للسلطة الفلسطينية، التي قالت إنها "تثبت يومياً أنها تستخدم هذه الأموال ضد أبناء شعبنا تعذيباً وقتلاً وتنكيلاً"، مشيرة إلى أن "دعم تلك الحكومات للسلطة لا يعفيها من مسؤولية القتل والتعذيب الذي تمارسه السلطة بحق مواطنيها".
وقالت العائلة في البيان الموقع باسم غسان بنات، إنّ "على الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني اتخاذ الموقف الحاسم تجاه ممارسات السلطة الدموية والنزول إلى الشارع حتى تكون دماء نزار بنات حداً فاصلاً وقرباناً وطنياً، لحماية أبناء شعبنا من ممارسات السلطة وتغولها على الدم الفلسطيني".
وشددت عائلة بنات على أن "القضاء الدولي هو الطريق الذي تسير به العائلة من أجل فضح ممارسات السلطة، وتحقيق العدالة لنزار ومطاردة مسؤولي السلطة ورموزها أينما كان وجودهم".
وأشارت العائلة إلى "الإفراج عن أدوات تنفيذ الجريمة بحجج ينطبق عليها (عذر أقبح من ذنب)، مع العلم أن فيروس كورونا قد شارف على الانتهاء، ومعظم دول العالم أنهت الإجراءات الصحية واكتفت بالمطعوم مثله مثل أي مرض موسمي".
وكانت عائلة بنات قد أعلنت الانسحاب النهائي من المحكمة بمؤتمر صحافي في 18 مايو/ أيار الماضي.
بدورها، قالت جيهان، أرملة نزار بنات، “ما أستطيع قوله هو إن إطلاق سراحهم ظلم واضح، وتأكيد على أن اغتيال نزار كان بقرار سياسي وليس عن طريق الخطأ”.
وأضافت “نحن قلنا أكثر من مرة لا يمكن للقاتل أن يكون القاضي”. وتابعت “إذا كانت السلطة الفلسطينية تخشى انتشار كورونا، فلم لا يطلق سراح جميع المعتقلين لديها في قضايا أخرى”.
وتواصل أجهزة السلطة اعتقال عمار ابن عم الشهيد نزار لأكثر من شهر، ويعتبر أحد الشهود في المحكمة على التهديديات التي كانت تصل المغدور بنات، ما يثير التساؤل حول جدية السلطة بإجراء محاكمة عادلة في ظل إطلاق سراح القتلة واعتقال الشاهد.