منذ اللحظة الأولى لاحتلال فلسطين، كانت مدينة القدس بسكانها مطمعا للمحتل (الإسرائيلي)، فكل الطرق مباحة أمامهم لسرقة هويتها الإسلامية والعربية، حاولوا طمس اللغة العربية وتغيير عادات وسلوكيات المواطنين حتى أغرقوا بعض الأحياء منها بالمخدرات بتوفيرها بأسعار زهيدة.
بدأت مشكلة المخدرات في الظهور بشكل واضح منذ الثمانينيات، ولكنها تضاعفت بشكل كبير مع هجرة اليهود الروس التي بدأت في مطلع التسعينيات، حيث عمل العديد منهم في ترويج الهيروين والكوكايين، حتى وصلت بشكل متعمد إلى الصغار من الشباب المقدسيين.
وضمن سياسة الاحتلال في تغيير ملامح معالم القدس وتهويدها عملت على تدمير شبابها من خلال إغراق أسواق المدينة بالمخدرات بعدما باتت تباع علنا دون تحرك الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) أي ساكن في الوقت الذي تمنع بكل قوة أي نشاط للأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة للسلطة لمحاربة تلك الظاهرة التي باتت تهدد حياة حوالي عشرين ألف شاب من القدس.
سن قوانين مخففة
يقول الباحث المقدسي ناصر هدمي إن الاحتلال (الإسرائيلي) حرص على تدمير النسيج الاجتماعي في القدس واستهداف الشباب كونهم أمل المستقبل، لاسيما بعدما رأي أنهم العائق الأكبر في مواجهة مخططاته التهويدية والاعتداء على المسجد الأقصى والاستحواذ عليه.
ويرى هدمي أن الاحتلال وجد أن المخدرات إحدى الوسائل الناجعة لتدمير النسيج الاجتماعي وتحييد شباب القدس عن قضيتهم عبر التغاضي عن انتشارها فيما بينهم، كما سهل تداولها من خلال تقليل عقوبتها لمن تضبط معه العقاقير.
ويذكر الـ "الرسالة نت" أن الاحتلال يسهل استخدام المخدرات بعدة طرق سواء بشكل رسمي أو غير رسمي، فيسن قوانين تخفف عقوبة من يثبت أنه مدمن مخدرات، موضحا أن أي مدمن يثبت عدم مقدرته على العمل يوفر له منحة شهرية تساعده على الحياة مما يعبر عن سياسة (إسرائيل) في تدمير المجتمع المقدسي والسيطرة على المدينة والأقصى.
استهداف فئات المجتمع
وفي السياق ذاته، يقول عصام جويحان مدير مركز المقدسي للتوعية والإرشاد، إنه منذ الاحتلال (الإسرائيلي) لمدينة القدس فتح سوق العمل للمقدسيين في المصانع والمزارع وكانوا يمنحون في الأعياد اليهودية الهدايا ومنها "النبيذ"، مشيرا إلى أن بعض العمال كان يشربها ومن يحرمها يبيعها لليهود وبالتالي بات الأمر طبيعياً خاصة لعدم الوعي الديني عند بعضهم.
ويؤكد جويحان الـ "الرسالة نت" أن الاحتلال حاول استهداف كل فئات المجتمع، فبدأ من البلدة القديمة في القدس حيث ظاهرة "المحاشش" قديما، لافتا إلى أن الاحتلال تعمد إغراق المدينة بالمخدرات باعتبارها سلاحاً استعمارياً للسيطرة على الشعوب.
وعن دور الجهات الرسمية في إيقاف انتشار تلك الآفة بين الشباب، ذكر أن السلطة الفلسطينية مقصرة كثيراً في توعية الشباب المقدسي والعمل على إيقاف انتشار المخدرات.
ويرى أن الهدف من تسهيل الحصول على تلك المواد المخدرة في المدينة المقدسة هو تفريغ القدس وإشغال أهلها بموضوع بعيد عن السياسة ومقاومة المحتل، ولذلك فإن المخدرات هي من الأسلحة التي يستعملها الاحتلال حتى يحكم قبضته على الإنسان العربي في القدس الذي يعتبره حجر عثرة في وجه سياسة الاحتلال تجاه القدس.
ووفق إحصائيات، يبلغ حجم سوق المخدرات في (إسرائيل) أكثر من ستة مليارات دولار سنويًا تشمل أكثر من مائة طن من الماريغوانا وثلاثة أطنان من الكوكايين وحوالي أربعة أطنان من الهيروين، ويتم بيع كميات كبيرة من هذه المخدرات إلى الفلسطينيين.
كما تباع علناً وفي أماكن معروفة للجميع، خاصة في المناطق التي تتزايد فيها معدلات الفقر بشكل كبير.