بلد المليون ونصف شهيد كما يحب أن ينعت نفسه الشعب الجزائري يحتفي بذكرى الاستقلال ال 60 بعد استعمار فرنسي دام 132 عام في أطول استبداد وقهر في التاريخ، وبدعوة رسمية لقائد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية إسماعيل هنية ولرئيس السلطة محمود عباس لتمثيل فلسطين في ميزة أضيفت لهذا الاحتفال، وتنبع هذه الدعوة وهذا التمثيل في حرص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على لم الشمل الفلسطيني في خطوة هي الأجرأ منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007، بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات الفلسطينية التشريعية عام 2006م والتي فازت فيها حركة حماس، محققا بذلك خطوة للأمام باتجاه المصالحة الفلسطينية قبل انعقاد القمة العربية، والتي طالما وضع الرئيس عباس وحركة فتح العراقيل لعدم اتمامها على مبدأ الشراكة الفلسطينية كما تطرحها حركة حماس والفصائل الفلسطينية المقاومة.
وتعتبر الجزائر الدولة العربية الوحيدة على صعيدها الرسمي والشعبي التي لا زالت متمسكة بإرثها الثوري الرافض لعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني سرا أو علانية لهذه اللحظة، رغم المحاولات الحثية لجرها لهذا المستنقع منذ عدة سنوات، متمسكة في القضية الفلسطينية قضية الأمة العربية الأولى، مستلهمة بعبارة الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين (نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة)، وتستشعر عمق هذه الكلمات عام 2016 في مباراة كرة القدم الودية التي أقيمت بين منتخبي الجزائر وفلسطين، وكان الجمهور الجزائري يشجع المنتخب الفلسطيني على حساب منتخبه بلاده محتفلا بتسجيل منتخب فلسطين للهدف في مرمى بلاده.
فيما استقبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أبو العبد هنية لهذه الدعوة بإيجابية عالية، ضمن المحددات التالية:
1-تأتي الدعوة من الدولة التي ترأس القمة العربية المقررة في 2 نوفمبر من العام الجاري في العاصمة الجزائرية.
2-وتأتي ضمن جولة زيارات يقوم بها هنية للدول العربية لبناء حلف مناهض لعملية التطبيع الخطير التي تقودها عدد من الدول العربية نيابة عن الكيان الصهيوني.
3-بناء حلف عربي اسلامي داعم للقضية الفلسطينية والمقاومة وإعادة ترتيب الأوراق على الساحة العربية وتبني القضية الفلسطينية والقدس كقضية الامة العربية الأولى وقبلة الصراع العربي الصهيوني.
4-حركة حماس متمثلة بصفتها الرسمية هي جسم يمثل الشعب الفلسطيني حاملة سيف المقاومة التي لا بديل عنها في سبيل تحرير القدس ولا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال في تمثيل الشعب الفلسطيني.
5-تستغل حركة حماس العمق الثوري لدى الشعب الجزائري في تبني دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
وتأتي أهمية هذه الزيارة بينما الحديث عن الوصول لتقارب بين حركة حماس والنظام السوري لإعادة العلاقات المنقطعة منذ بداية الثورة السورية عام 2012 لإحساس الجميع بخطورة المرحلة المقبلة على منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد الحرب الأوكرانية، والاعلان عن زيارة بايدن رئيس الولايات المتحدة الامريكية المتوقعة للمنطقة في منتصف الشهر الجاري، والحديث عن دمج الكيان الصهيوني بالمنطقة العربية بشكل أوسع والتحالف العسكري والأمني بين الدول العربية والكيان، وإعادة بناء تحالفات جديدة، ونهب الكيان الصهيوني لحقول الغاز اللبنانية، وأن هذا التقارب سيعزز موقف المقاومة الفلسطينية وحركة حماس قافزة خطوة للأمام في الاتجاه الصحيح ضد أي إجراءات جديدة يحاك لها في أروقة سرية تهدف لحصارها أو تقويض قوتها السياسية والعسكرية، حيث أن الكيان الصهيوني المستفيد الأول من هذه القطيعة التي تولدت، لعلمه بأهمية الساحة السورية للقضية الفلسطينية، وهذا التقارب يأتي ضمن سياسة ومنهج حركة حماس بمد يدها بل سعيها لأي علاقة مع أي دولة عربية أو إسلامية داعمة لقضايا الشعب الفلسطيني ضد وجود هذا الكيان السرطاني في المنطقة العربية.