في عيد اللحمة.. الأسرى حاضرون عند ذبح الأضحية

الرسالة نت-مها شهوان

لم يستسلم الأسرى الفلسطينيون يوما في المعتقلات (الإسرائيلية)، بل جعلوا منها بداية طريق الحرية فارتقوا في العلم، وأبدعوا في إحياء مناسباتهم الخاصة والأعياد الدينية، فمن أدنى الإمكانيات المتوفرة خلقوا عالما خاصا بهم ليحيوا شعائرهم كما لو كانوا في الخارج بين عوائلهم.

للأعياد والشعائر الدينية رونقها الخاص الذي اعتاد عليه الإنسان حين يكون بين أهله، لكن داخل الأسر تكون هناك غصة عالقة لاسيما لمن كانت تجربته الأولى في المعتقل.

يحاول الأسرى التغلب على المشاعر الثقيلة على قلوبهم في إحياء المناسبات، حيث يبتكرون أنشطة تخرجهم من الحزن إلى الفرح عبر محاكاة الحياة في الخارج، كما يحدث في عيدي الفطر والأضحى.

رغم الأسلاك الشائكة المحيطة بأسوار السجون، إلا أن الأسرى حاضرون بين ذويهم عند ذبحة الأضحية، وذلك من خلال تكليف أي من أفراد أسرهم بشراء الأضحية عنه وتوزيعها على من يريد من معارفه، تفاصيل وأكثر تسردها "الرسالة نت" عبر هذا التقرير.

بداية، يقول إسلام عبدو، الناطق باسم وزارة شئون الاسرى بغزة، إن المعتقلين مرتبطون بأهاليهم رغم سنوات اعتقالهم، لذا كثير منهم يكلفون ذويهم بشراء الأضحية وتوزيعها على الأهل والمعارف، بالإضافة إلى أن هناك أسرى من الضفة المحتلة يخصصون أضحيتهم لفقراء قطاع غزة.

وذكر أن أسرى الضفة بشكل مستمر يحيون الأعياد من خلال دعم فقراء قطاع غزة، فمثلا يساهمون في ترميم بيوت المحتاجين، وفي عيد الأضحى توزع كثير من الأضاحي بدعمهم، لافتا إلى أنهم خلال تواجدهم في الأسر يحملون هم شعبهم.

****المشاركة في كشف التوزيع

ولمن عاش تجربة الأسر والاحتفالات هناك، ذكرت المحررة نسرين أبو كميل "للرسالة نت" أن للأسيرات وضعهن الخاص في صناعة يومهن خلال العيد، يحاولن أن يعشن تفاصيل جميلة رغم الحزن الذي يسيطر عليهن.

وتوضح أبو كميل أنهن عند اقتراب عيد الأضحى يبدأن بالتجهيز سواء عبر الرسومات "الخراف" التي يلصقنها على الجدران، ويصنعن الكعك والمقلوبة بالدجاج، كون مصلحة السجون تتعمد قطع اللحوم عنهن فترة العيد.

وتسترسل في سرد تفاصيل الأضحى فتقول إنهن يوكلن ذويهن بالخارج بذبح الأضحية من مستحقاتهن المالية ويشاركن بتحديد العائلات والمعارف التي ستوزع عليهم الحصص، مستذكرة وهي تضحك: آخر النهار من اليوم الأول للعيد، وبعد حديثنا مع أهالينا تبدأ كل واحدة منا بالتعليق، أرسلت لك كيلو لحمة (..) يلا انبسطي هيني بعتلك على البيت لحمة خروف.

أما في أقسام الشباب فللعيد نكهته وطقوسه التي صنعوها، يقول المحرر رجائي الكركي إن الأسرى يستشعرون بالعيد بعد صيام غالبيتهم للتسعة أيام الأولى، ويوم العيد يصلون ويتراسلون عبر "الفيسبوك الورقي" وهو عبارة عن دفتر مستطيل يكتب فيه كل أسير تهنئة موجهة لزميله في القسم المجاور ويرد عليه حين تصله عبر مراسل الغرفة.

وذكر أنهم يصرون كل عيد على الأضحية ويتشاركون مع عوائلهم في تحديد أسماء الأشخاص الذين سيحصلون عليها ويتشاركون بذلك، لافتا في الوقت ذاته إلى أن توفر الهواتف الذكية بالخفاء بين الأسرى جعلهم يعيشون كل التفاصيل منذ شراء الأضحية حتى ذبحها وتوزيعها ويبقى الأسرى على تواصل مع عائلاتهم في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالأضحية.

وأوضح أنهم يستشعرون بالفرحة الكبيرة حين توزع الذبيحة، وبعد تقديم التهنئة لأسرهم ولرفقائهم الأسرى، يصنعون طعام الغداء، وليلا تبدأ الاحتفالات حيث المسابقات والضحك واللعب وإلقاء النكات.

ويحكي الكركي أن كثيرا من الأسرى داخل السجون تواصلوا معه في أعياد سابقة، ليذبح عنهم وتوزع الأضحية لفقراء غزة، فذلك يشعرهم بالسعادة كونهم يدخلون البهجة على قلوب المحتاجين، عدا عن مساهماتهم الفعالة في إغاثة العشرات من الأسر المحتاجة.

البث المباشر